تابعنا على الفيس بوك تابعنا على تويتر تابعنا على اليوتيوب تابعنا على الساوند كلاود


الرئيسية السيرة الذاتية الخطب الصوتيات المرئيات المقالات و البحوث الدورات الجامعة الصور تدبر القران الإصدارات الشهادات و الدروع المشاركات و الأنشطة

 

 
جديد الفيديو
 

 
المتواجدون الآن

 
01-10-1433 06:35 PM



الصيام (2)



الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمةً للعالمين، عليه وعلى آله أفضل الصلاة وأتم التسليم، أما بعد:
يقول الحق تبارك وتعالى: ﴿أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَآئِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ عَلِمَ اللّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ﴾[البقرة:187].
سنقف مع جزء من هذه الآية عدة وقفات، لنبين ما فيها من دلالات.

أولاً: جاءت هذه الآية مبدوءة بكلمة ﴿أُحِلَّ﴾، وهي مبنية للمجهول؛ بياناً أن العناية منصرفة إلى فعل الحِّل ذاته، لأن الفاعل معروف، لأن هذا الفعل لا يكون لسواه، وهو الله سبحانه وتعالى، وذِكر مادة الحل يدل على الشعور بالمنع والحرمة في القضية المذكورة، وأن الأمر يحتاج إلى حكمٍ من الله عز وجل، وقد ورد أن بعضهم كان إذا جاء إلى زوجته وقد نامت في الليل، لم يقربها، لأنه يظن أنها تحرم عليه إلى اليوم التالي، فشق عليه هذا الأمر فاحتمله بعضهم، وحصل من بعضهم تجاوز، فجاء بعضهم إلى النبي r فأخبروه، فقال الله سبحانه وتعالى: ﴿أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَآئِكُمْ﴾.

ثانياً: قوله الله تعالى: ﴿لَكُمْ﴾ فيه عناية بشأنهم، وإيضاحٌ بتخصيصهم في هذا الأمر، وهذا يتناسب مع ما قيل عن منع السابقين قبلنا من قربان نسائهم في الليل.

ثالثاً: في التنصيص على الزمن ﴿لَيْلَةَ الصِّيَامِ﴾ فيه بيان أن الحل مرتبط بذلك الزمن خصوصاً، وأن الأمر المذكور وهو قربان النساء محرمٌ في غير هذا الوقت مما يخص الصيام، وحتى يكون هذا الحكم مقتصراً على شهر الصوم، أضيف الزمن إلى الصيام فقيل: ﴿لَيْلَةَ الصِّيَامِ﴾.

رابعاً: في قوله تعالى: ﴿الرَّفَثُ إِلَى نِسَآئِكُمْ﴾ إيضاح للأمر المراد ذكر الحِلِّ فيه، وهو الرفث إلى النساء، وفي ذكر كلمة ﴿الرَّفَثُ﴾ من الكناية اللطيفة عما يُستَحى من ذكره مالا يخفى، والرفث على أكثر أهل العلم هو الجماع، وإتيان الرجل أهله، وكل ما يفضي إلى ذلك، والرفث كلمة جامعة لكل ما يريده الإنسان من زوجته، وهي كلمة جامعة -كما نرى- لكل هذه المعاني، والعجيب أننا نجد هذا الفعل (الرفث) مسموحاً به في ليْلِ رمضان ومنهياً عنه في الحج، كما في قوله تعالى: ﴿فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجّ﴾[البقرة: 197]، لاختلاف القصد في الفريضتين، فالمنع في رمضان يتعلق بالنهار، أمَّا في الحج فَلِقلّة مدته فيتعلق بالليل والنهار.

خامساً: جاءت تعدية الرفث بـ﴿إِلَى﴾؛ مع أنه يعدّى في الأصل بـ(الباء)؛ فيقال: رفث بفلانة، ولا يعدّى بـ(إلى) فيقال: رفث إلى فلانة، كما في الآية هنا ﴿الرَّفَثُ إِلَى نِسَآئِكُمْ﴾، فدل ذلك على أن معنى الرفث هو كل ما يوصل الرجل إلى غايته التي يريدها من زوجته، وهذا يتناسب مع معنى تلك الكلمة أشرنا إليها بقولنا: وهي كلمة جامعة، وهذا بخلاف ما ورد في الحج من إطلاق، وذلك لأن (إلى) تدل على بلوغ الغاية، وقد يكون الأمر متعلقاً بالحل، فيكون المراد: أن الحِلَّ ممتد إلى نسائكم، لا يتجاوز إلى سواهن.

سادساً: تحليل الرفث في هذا المقام قد يكون من باب الترفه بعد المنع، فلما كانوا ممنوعين من أزواجهم في النهار، سُمِح لهم ذلك في الليل، مكافأةً لهم وتمتعاً.
وقيل: المراد من ذكر التحليل هو إشعارهم بأنه أمرٌ محظور وقد أُحِلَّ في الليل، مع أن المرغوب فيه هو استمرارية الامتناع، تربيةً لقوةِ الإرادة، فيكون في ذكر الحِلِّ تسهيل على من ضَعُفَتْ عزيمته، والامتناع لمن قَوِيَتْ عزيمته.
سابعاً: قوله تعالى: ﴿هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ﴾ فيه كناية لطيفة أخرى عن الأمر ذاته، مع اختلافٍ في الأسلوب، حيث ظهر فيه هنا جانبُ المرأةِ أكثر من الرجل، بخلاف ما سبق مع الرفث، وهذا ظاهر في تكرير ضمير الإناث (هن) مرتين، في مبدأ الكناية ونهايتها، في مقابل ذكر ضمير الرجال (أنتم) مرة واحدة.

ثامناً: في البدء بالمرأة مع كناية اللباس، إلماحٌ إلى أثر المرأة في تحصين زوجها، وستر معايبه، والإشعار بأن شأنها في جانب اللباس أظهر من الرجل.

تاسعاً: في تشبيه كلٍ من الزوجين للآخر باللباس، ما يدل على شدة حاجة كل منهما للآخر، وحذف أداة التشبيه من هذا التشبيه، فلم يكن: (هن كاللباس لكم، وأنتم كاللباس لهن)، لبيان شدة التطابق بين المشبّه والمشبه به، لدرجة أنه كالشيء الواحد.

عاشراً: ذكر اللباس هنا خصوصاً يحمل دلالات عدة، تظهر من خلالها أوجه التشبيه العديدة، بين اللباس وأحد الزوجين مع الآخر، ويمكننا ذكر أهم تلك الدلالات على النحو التالي:
‌أ- أن اللباس صورة من صور الجمال.
‌ب- أنه مظهر من مظاهر الستر.
‌ج- أنه أحد أسباب الحماية.
‌د- أنه شديد الالتصاق والقرب من الإنسان.

وبهذه الأوجه من الدلالات نعلم شدة الشبه في هذه المشابهة المذكورة في هذه الآية بين أحد الزوجين مع الآخر، وبين اللباس، ونعلم أيضاً حاجةَ كلٍ من الزوجين للآخر، وأنه يكون معه كما يكون اللباس مع صاحبه.
فهل تأمل أحدنا هذا الأمر، ونظر فيه، وخصوصاً أنه ورد في آيات تخص الصيام؟، لما في الصيام من تربية المهابة من الله سبحانه وتعالى، وتربية المراقبة، ولعل هذا الأمر لابد أن يكون بين الزوجين، خصوصاً بما يتعلق بالعفة والستر والحماية، فإن هذا الأمر من الضروريات حتى تستمر الزوجية على أحسن حال.


د. عويض بن حمود العطوي
جامعة تبوك
Dr.ahha@gmail.com

تعليقات 0 | إهداء 0 | زيارات 696



خدمات المحتوى


تقييم
1.25/10 (14 صوت)

Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.

Copyright © 1446 alatwi.net - All rights reserved

جميع الحقوق محفوظة لموقع الدكتور عويض العطوي - يُسمح بالنشر مع ذكر المصدر.

الرئيسية |الصور |المقالات |الأخبار |الفيديو |الصوتيات |راسلنا | للأعلى

لتصفح أفضل: استخدم موزيلا فايرفوكس

 لتصفح أفضل: استخدم موزيلا فايرفوكس