جديد الفيديو
المتواجدون الآن
| 01-08-1433 07:06 PM
المخدرات وآثارها الأسرية والاجتماعية
المخدرات .. قضية تقض مضاجع الشرفاء ، وتؤرق أعين الأخيار والنبلاء ، قضية تتعلق بالضروريات الخمس جميعها : الدين ، العرض ، المال ، العقل ، النفس .
قضية أشغلت المجتمعات ، وتحركت لأجلها الشعوب والحكومات ، تلك هي قضية المخدرات ، تلك الآفة الخطيرة ، والجريمة الكبيرة ، التي تسببت في كتابة مآس مريرة ، ورسمت بوجهها الكالح صورا مروعة كثيرة .
الكلام مع مثلكم إنما من قبيل التذكير لا التعليم ، والنصح لا التوجيه ، إذ لا يتصور أن أحدا من الحاضرين لا يدرك خطورة القضية ، ولا فداحة الخطب .
لا يشك أحد ما للمخدرات من آثار مدمرة ، تؤثر على الفرد والمجتمع في مجالات عدة ( اجتماعية ، واقتصادية ، وصحية ، ... ) ..
وهذه السموم يصل ضررها إلى كل الضروريات الخمس ( الدين ، المال ، العرض ، العقل ، النفس ) ، لذا وجبت محاربتها على جميع الأصعدة ، وسيكون الحديث هنا عن الآثار الاجتماعية ( الأسرية ) إن شاء الله .
قال الله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر و الميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون ) [ المائدة:90/91]- فقد اشتملت الآية على مجموعة من الآثار السلبية للخمور ، وهي :
1- حزبية الشيطان
3- إيقاع العداوات بين الناس .
4- الصد عن ذكر الله .
5- الصد عن الصلاة .
يذكر ابن القيم ، والذهبي رحمهما الله تعالى من أضرار الخمر ما يأتي : - أن الخمر تغتـال العقل ، تكثر اللغو على شاربه ، تسنزف المال وتصدع الرأس ..
هي رجس من عمل الشيطان .. توقع العداوة والبغضاء بين النـاس .. تصد عن ذكر الله وعن الصلاة .. تدعو إلى الزنا .. تذهب الغيرة من قلب شاربها ..
تورث الخزي والندامة والفضيحة .. تلحق شاربهـا بأنقص نوع الإنسان وهم المجانين .. تسلبه أحسن الأسماء والسمات .. وتكسوه أقبح الأسمـاء والصفات ..
تسبب قتل النفس وإفشاء السر الذي في إفشائه مضرته وهلاكه .. تهون ارتكاب القبائح والإثم .. أنها جامع الإثم ومفتاح الشر .. أن مدمنها إذا مات ولم يتب لا يدخل الجنة .. أن الله لا يقبل من شاربها حسنة .. أن من شرب الخمر لا يكون مؤمناً حين يشـربها .. أن شارب الخمر عليه الحد ثمانون جلدة .
ولعل هذا كاف في ذم هذه السموم التي انتشرت وعم بلاؤها ، وقد ورأيت أن أقسم هذه الآثار المرتبطة بالمجتمع إلى : آثار خاصة ، وآثار عامة .. ونقصد بالخاصة ما تكون في محيط الفرد المتعاطي ، وأسرته ، ونقصد بالعامة ما تتعلق بالمجتمع كله .
أولا : الآثار الخاصة :
هذه الآثار الخاصة تتعلق بعنصرين مهمين من عناصر تكوين المجتمع هما : الفرد والأسرة .
فأما الفرد ، - ونقصد به هنا المتعاطي - ، فإن هذه السموم تؤثر فيه سلباً ولا شك ، وهو من شر إلى شر ، ولا نعجب من ذلك فقد قال سبحانه : ( يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه ) ، إذاً هي من عمل الشيطان ، وهل سيكون عمل الشيطان إلا شراً ؟
الخمور والمسكرات والمخدرات ، بوابة كل سوء ، لأنها أم الخبائث وأصل الشرور قال صلى الله عليه وسلم في وصيته : ( ولا تشرب الخمر فإنها مفتاح كل شر ) ( حسن ) ( المشكاة ) (580) .
ولعل من أهم آثارها على الفرد ما يأتي :
1ـ التخلي عن القيم ، والابتعاد عن الإنسانية : فالمتعاطي ينسى قيمه النبيلة ، وتكريمه الذي حباه الله إياه لينحط قمة التكريم إلى درجة البهيمية ، فهو يتخلى عن قيم الإسلام العالية ، مثل : الرحمة ، والتعاون ، ومساعدة الناس ، والغيرة ، والشهامة ، وبالمقابل يمارس أعمالاً شنيعة ويتصف بصفات سيئة .
2ـ العدوانية : فالمتعاطي تتولد لديه رغبة شديدة في الاعتداء على الناس طلبا في الحصول على الجرعة المسموعة أو المال الحرام ، أو لكونه لا يدري ما يفعل ..
ذكرت إحدى الصحف أن شابا في التاسعة عشرة من عمرة عرف عنه حسن الخلق والهدوء والمرح ولكنه تغيّر بعد أن أدمن شرب المخدرات فأصبح عصبي المزاج يميل إلى العنف والشدة وفي ذات يوم حصل شجار عادي بينه وبين والده فما كان منه إلا أن أمسك بفأس واعتدى على أسرته ، فقتل والده وثلاثة من إخوته ، وعند التحقيق تبين أنه كان واقعاً تحت جرعة الهيروين .
3ـ الانطوائية والعزلة : ـ نظراً للسموم التي يتعاطاها المدمن ، وما تسببه له من أمراض نفسية فتاكة فإنه ينطوي على نفسه ، كما أنه يخشى من نظرات الناس فينـزوي إلى الأماكن الخالية المهجورة ليعيش عالمه الخاص ، وهو بهذا يضيع نفسه وأسرته ووظيفته .
4ـ عدم الفاعلية : - لا نعجب من إنسان محطم الإرادة ، منهار العزيمة أن يكون كذلك ويظهر هذا الأمر فيما يأتي : ـ
أ ـ التأخر الدراسي .
ب ـ ضعف الإنتاج في العمل بسبب ( الكسل ، الخمول ، المزاجية ، التقلب ) .
ج ـ الفصل من الوظيفة نهائياً .
د ـ عدم القيام بالمسؤولية الوظيفية والأسرية .
5ـ فقد ثقة المجتمع به : ـ فلا يجد أحداً يحترمه ، ولا يقدره ، لا من الزملاء ولا من الجيران ولا من الأقرباء ، فيعيش منبوذاً مدحوراً ، مما يولد عنده جنوحاً نحو الجريمة .
وأما الأسرة : فإنها تلك اللبنة الأساسية في تكوين المجتمع الكبير ، فإذا تصدعت تأثر كل المجتمع إذا عم هذا البلاء ، وانتشر ذلك الداء .
ولعل أهم آثار هذه السموم على الأسرة ما يأتي : ـ
1ـ كثرة الخلافات الأسرية : ـ بسبب ( التوتر ، الشك ، الكره ) .. وذلك بسبب التوتر الشديد الذي يعيشه البيت الذي فيه متعاطٍ للمخدرات ، كما أن الشك يسيطر على هذه الأٍسرة فيدمر حياتها ، ويحيلها إلى جحيم ، ولا تسأل عن البغض الذي ينشأ بين أفراد هذه الأسرة مما يشاهدون من عدوان وسوء معاملة بين الزوج والزوجة ، أو بين أفراد الأسرة الآخرين .
2ـ الاعتداءات الجسدية والجنسية : ـ أصبحت القصص في هذا المجال أكثر من أن تحصى ، فالضرب شيء معتاد ، والتعدي بالطعن وربما القتل أمر وارد في حياة المدمنين ..
كما أن هؤلاء لا يتورعون عن الاعتداء الجنسي على المحارم ، وهذه قصة غريبـة عن أب يلقي بطفلتـه من الدور الثانى لتموت في الحال ، وبدون أي ذنب جنتـه ، وفى التحقيـق مـعه تبين أنه كان في حالة سكر شديد ، وهكذا نرى إلى أي مدى يتجرد المدمن من إنسانيته وأبوتـه ويتحول إلى وحش بدون عقل يفكر و بدون مشاعر تربطه بالآخرين .
أرسلت إحداهن إلى أحد المشايخ هذه الرسالة : يا شيخ أرجوك رجاءً أن لا تهمل رسالتنا هذه .. ثم تقول نحن أربع بنات أكبرنا تقارب الثلاثين من عمرها وأصغرنا قريبة من الخامسة عشر من عمرها .. ولدينا إخوة في أعمار مختلفة .. ثم تقول أمي طيبة لا حول لها ولا قوة كلما تدخلت في شيء يقوم أبي بطردها أو التهديد بالطلاق ..
المهم يا شيخ أن مشكلتنا تكمن في أن أبي يحاول أن دائماً الاعتداء على أي واحدة منا كلما رآها وحدها .. فنحن دائماً في خوف داخل البيت لدرجة أننا لا نستطيع النوم إلا إذا كان الباب مغلقاً بالمفتاح حتى نشعر بالأمان ثم تقول في نهاية رسالتها ، ملاحظة ربما فهمت قصدنا يا شيخ بكلمة يعتدي علينا أو يريد الاعتداء علينا ولا أستطيع ولا أريد التوضيح أكثر من ذلك( قناة المجد برنامج أريد حلا ) .
3ـ الطلاق : فلما تجد بيتاً تدخله هذه السموم إلا انتهى بالفرقة والشقاق والنزاع والطلاق، فيضيع الأطفال، وتتشتت الأسرة ويتهدم كيانها .
4ـ الخيانة الزوجية : ـ تكثر في حياة المدمنين من زوج أو زوجة قصص الخيانات الزوجية ، ذلك أن المخدر تموت معه الغيرة ، ويتبلد معه الإحساس ، فيتحول الإنسان إلى بهيمة يفعل كفعلها ، فليس لديه ما يحافظ عليه من عرض أو كرامة لذا فالزوجة تخون ، والرجل كذلك يخون ، وكفي بذلك سبباً لانهيار دعائم ذلك البيت .
5ـ التقتير في النفقة والإسراف في شراء المخدر : وهذا يقضي بالزوج إلى بيع أثاث بيته ، وربما ذهب زوجته، وكل دخله يحوله إلى هذه السموم ، فيعيش أفراد الأسرة في حالة فقر وحاجة ، مما قد يدفعهم للعمل خارج البيت وهم في سن م بذلك مبكرة على ذلك، ربما يصل به الأمر إلى التنازل عن عرض زوجته أ ابنته كما رأينا في القصة السابقة.
6ـ ضياع الأبناء : لك أن تتصور أخي الفاضل أسرة يعيش فيها الأب أو الأم أو هما معاً تحت وطأة هذه السموم كيف سيكون حال أبنائها ، كيف سيعيشون ، كيف سينشئون ، يرون المنكر ، يشاهدون العنف ، يعيشون الرعب والخوف ، في الغالب سيهربون من جحيم البيت إلى الضياع ولكن من بوابة أخرى ، كما أنهم يصابون غالباً بأمراض نفسية مدمرة كالقلق والاكتئاب وغيرها .
الآثار العامة على المجتمع :
كل ما سبق ذكره من آثار على الفرد الذي هو لبنة الأسرة التي هي لبنة المجتمع ، سينتهي أخيراً إلى آثار عامة على المجتمع بعمومه ولعل من أظهر هذه الآثار ما يأتي :
1ـ البطالة : فالمدمن إنسان فاقد لهويته ، ضعيف في همته، لذلك فهو لا يتقن عملاً ولا يستمر في وظيفته ، إنما هو رصيد جديد في عداد العاطلين .
2ـ ضعف الإنتاج : لك أن تتصور أخي الكريم مجتمعا صغيرا ( كمؤسسة ) مثلاً ، فيه (50% ) مدمنون ، كم سيكون الإنتاج ؟ إنهم لن ينتجوا شيئاً ، وذلك لكثرة النوم ، والكسل ، والمزاجية ، المدمن إنسان لا يملك نفسه بل المخدر هو الذي يملكه ، وهذه صورة مصغرة للمجتمع بعمومه إذا عم فيه هذا البلاء .
3ـ إشاعة الجريمة : هذه السموم تقود إلى مجموعة جرائم ، يشيع معها العنف والخوف والقلق ، ولعل أهم تلك الجرائم : القتل ، السرقة ، انتشار الرذيلة الأخلاقية ( بيع الشرف والعرض ) .
4ـ الهدر المالي لمقدرات الوطن : ـ قد لا يقدر الإنسان ذلك الحجم الهائل مما يصرف من الأموال بسبب هذه السموم ذلك أن علاج الإدمان ، والأمراض الناجمة عنه مكلف جداً ، كما أن مكافحة هذا البلاء يحتاج ميزانيات ضخمة ، وكل هذا لم يفكر فيه هذا المتعاطي أو المروج .
|
خدمات المحتوى
| تقييم
|
|
|
Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0 Copyright© Dimensions Of Information Inc.
Copyright © 1446 alatwi.net - All rights reserved
جميع الحقوق محفوظة لموقع الدكتور عويض العطوي - يُسمح بالنشر مع ذكر المصدر.
الرئيسية
|الصور
|المقالات
|الأخبار
|الفيديو
|الصوتيات
|راسلنا | للأعلى
لتصفح أفضل:
استخدم موزيلا فايرفوكس
|
|