تابعنا على الفيس بوك تابعنا على تويتر تابعنا على اليوتيوب تابعنا على الساوند كلاود


الرئيسية السيرة الذاتية الخطب الصوتيات المرئيات المقالات و البحوث الدورات الجامعة الصور تدبر القران الإصدارات الشهادات و الدروع المشاركات و الأنشطة

 

 
جديد الفيديو
 

 
المتواجدون الآن

 
01-06-1433 08:08 PM



﴿ولتكبروا الله على ما هداكم﴾
خطبة عيد الفطر 1430هـ



الخطبة الأولى:

الحمد لله الذي وفقنا لإتمام العدة، وأمرنا بتكبيره وتمجيده في نهاية عدة هذا الصيام، فقال: ﴿وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ [البقرة: 185] فالله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
الحمد لله الذي جعل التقوى غاية الصوم، فقال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [البقرة: 183]، والصلاة والسلام على صفوة خلقه، وخاتم أنبيائه، نبي الهدى، ومصباح الدجى، محمد بن عبد الله، وآله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فهنيئًا لكم أيها المؤمنون، بهذا اليوم المجيد، لقد لبستم فيه الجديد، وتهيأتم بجميل الثياب والطيب، لِتُظهروا شعيرة ربّكم، ولِتُروا الله من أنفسكم خيرًا. لقد اجتمعتم لتعلنوا عن البهجة والسرور، والغبطة والسرور، بإكمال العدة، والفوز بالموعود.
فلله الحمد والفضل، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
معاشر المؤمنين، يا من سعدتم بكرم ربِّكم، وفضل خالقكم، اعلموا أنّ هذا اليوم هو يوم الشكر والعرفان للعظيم المنان، فالْهَجوا بذكره، وعظموا قدره، كيف لا وقد أمركم بذلك أمرًا، فقال: ﴿وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ [البقرة: 185].

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

معاشر المؤمنين، إن تكبير الله في هذا اليوم العظيم هو مِن شعائر الله العظيمة، الدَّالة على تنزيهه سبحانه وتعظيمه، إننا نكبِّر الله لأننا فزنا بجائزته، وحصّلنا مغفرته، هذا رجاؤنا، وكرم ربنا أعظم وأجلّ.
التكبير -يا كرام- هو شعار العيد، التكبير -يا كرام- يدل على تعظيم الخالق، ينطلق به لسان المؤمن إذا رأى ما يعجبه، أو حصل على خيرٍ يؤملّه، وهل أفضل من غنيمة ليلة القدر ورمضان، والفوز برضا الرحمن، وحصول العفو الغفران؟!
إن العاقل ليدرك كم كان في فضل، وكم حَصَّل من خير، وكم جمع من حسنات، فحُقّ له اليوم أن يكبر الله، ويعظم شأنه، لعظم ما فاز به.

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

تأمّل -يا عبد الله- كيف كان التكبير في أوّل الصلاة، فهي تُفتَتَح به، وكان هو ذاته في آخر رمضان، فهو يختتم به، ذلك أنَّ الصلاة فيها مقابلة للخالق، فكان باب الدخول إليها هو تعظيم الله، وأما الصوم، فهو طويل المدة، وهو نعمة كبيرة على الإنسان، فكان التكبير في آخره شكرًا لله، وابتهاجًا بالفوز برضوانه.
معاشر المؤمنين، إن هذا التكبير الذي أُمرنا به في الأعياد له سر لا بد أن نعيَه ونفهمه، إنّ المؤمن إذا أيقن عظمةَ ربِّه، وقَدَر خالِقَه حقّ قدْره؛ لم يجرؤ على مبارزته بالمعصية، ولا المجاهرة بالخطيئة، وإنما الخلل يأتي من عدم قدْر الله حقّ قدْرِه، لذا كان هذا التكبير أحدَ أسبابِ إحياءك هذا المعنى في نفس المؤمنين، فهم يقولون يوم العيد إن الله أكبر من كل كبير، وأَجَلُّ من كل عظيم، عندها تهون عليهم الدنيا وزخارفها، عندها يسعون إلى رضوانه بعمل الصالحات، والبعد عن المنكرات، والعفو والمسامحة، والإحسان والصفح، لأن الله سبحانه يحب ذلك، ويثيب عليه.
وإذا غاب هذا المعنى؛ رأيت المعاصي تطل برأسها من أول يوم في العيد، فما كان محرمًا في رمضان، يصبح حلالاً يوم العيد، فينقلب العيد الذي هو مظهر شكرٍ وتعظيم وتكبير لله؛ إلى موسمِ معصيةٍ وخطيئة، وهذا خلل يجب التنبه إليه، وينبغي على المؤمن الذي يعظم الله، ويلهج بتكبيره؛ أن يستحيي منه.
يا مؤمن، لا مانع أن تفرح، وأن تُظهِر سرورك، لكن اعلم يقينًا أنه لا سرور بمعصية الخالِق، بل السرور كله برضاه سبحانه، وإذا أردت استحضار ذلك دومًا، فلا يغب عن ذهنك ذكره وتعظيمه سبحانه.

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

ومما جاء في هذه الآية الكريمة ﴿وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ﴾ ذكر الهداية، إذًا، سبب التكبير، سبب الفرح الكبير هو هداية الله لنا، فما أعظم فرح وسرور من خرج من رمضان بهداية الله، في أي مجال، ويا خيبة مَن خرج صفر اليدين، لم يتغير فيه شيء.
لقد هدانا الله إلى قراءة القرآن وتدبره والعمل به، فلله الحمد، وهدانا لقيام الليل، فلله الحمد، وهدانا للدعاء والتضرّع، فلله الحمد، وهدانا لحِسْنِ الأخلاق، فلله الحمد، وهدانا للجود والصدقة، فلله الحمد، وهدانا للتزود من كل الخيرات، فلله الحمد.
معاشر المؤمنين، أليست هذه غنيمة عظيمة، تستحق أن نفرح بها، ونقول: الله أكبر على هدايته، الله أكبر على نعمه، الله أكبر على عفوه وغفرانه، فاثبت يا عبد الله على ما تعلمت، وما به خرجت من شهر الصوم، فليس من العقل أن تفرط في خيراتٍ اكتسبتها، ولا فضائل جمتعها، وإياك أن يكون يومُ العيد هو أول محطات النكوص والرجوع!

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

ثم ذكر سبحانه في نهاية الآية ﴿وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾، نعم، إنه يوم الشكر، الذي يعلنه المؤمنون بألسنتهم (الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد)، وبأفعالهم في صلاة العيد، ولبس الجديد، وصلة الأرحام، والتواصل والوئام، والعفو والصفح، والإحسان والبر.
نعم، إنه يوم عملي للشكر، فكن مِن أهل الشكر -أيها المؤمن- فإنهم قليل، قال تعالى: ﴿اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ﴾ [سبأ: 13]. تأملّ، ما قال سبحانه: (قولوا) بل ﴿اعلموا﴾.
كن -يا عبد الله- أحد هؤلاء القليل بالعمل مع القول، وتذكر كم عفا الله عنك في رمضان، كم فتح لك من أبواب الصفح "مَن صام رمضان إيمانًا واحتسابًا؛ غفر له ما تقدم من ذنبه"، "مَن قام رمضان إيمانًا واحتسابًا؛ غفر له ما تقدم من ذنبه"، "مَن قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا؛ غفر له ما تقدّم من ذنبه".
أليس يستحق المنعِم العظيم، الذي أعطاك كل هذا؛ أن تشكره اليوم، بأن تفتح قلبك لإخوانك، وتمد لهم يد المسامحة، وترسل لهم رسالة الود، اليوم يوم الشكر، فهل يُشكر الله بالتباغض؟ بالتدابر؟ بالتقاطع؟
بل يُشكر سبحانه بما يحب من الأعمال، ومن أعظمها الإحسان، أما قال سبحانه ثلاث مرات في كتابه: ﴿وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ [آل عمران: 134].
يا مؤمن، العيد هو فرحة المؤمن بعفو الله عنه، بعطائه له، بإحسانه إليه، فخذ هذه المعاني، واجعلها اليوم واقعًا عمليًّا، واشكر الله بها، وتذكر أنّ الله قال في نهاية رمضان: ﴿وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾.
لا تقل: هي خصومة قديمة، لا تقل: هو رجل لا يستحق الصفح، لا تقل: سامحته وعاد، اليوم هو يومك، اليوم هو يوم الكرماء، هو يوم السماحة.
أيها المؤمن بربِّه، ألا ترى كيف يلتقي التكبير مع العفو كثيرًا، أرأيت إلى حال الناس عندما يعفو أهل الدم عن القاتل في ساحة القصاص، كيف تعلو التكبيرات (الله أكبر، الله أكبر)؟ ألم يأمرنا الله في هذا اليوم المجيد ﴿وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ﴾، فلنجعل هذا اليوم يوم العفو، يوم المسامحة، حتى يكون للعيد طعمٌ ومذاق، إننا والله لنعجب مِن أناس كيف يفرحون وقلوبهم مليئة بالضغينة والكره، كيف يبتسمون، وهم سبب في محو الابتسامة، كيف يدَّعُون التواصل وهم سبب في التقاطع، يا مؤمن، ليس هناك أجمل من العفو والتسامح في يوم العيد، كن سببًا في هذا اليوم في رسم البسمة، وإنهاء العداوة، وتذكر -يا مؤمن- أننا اليوم نجتمع في هذا المكان الفاضل لنتآلف، لا لنتعادى، ثيابنا نظيفة، فلم لا تكون قلوبنا كذلك؟ وأجسادنا متراصّة، فلم لا تكون قلوبنا كذلك؟ ووجوهنا مشرقة، فلم لا تكون نفوسنا كذلك؟

اللهم تقبّل منّا أعمالنا، واستجب دعاءنا، وألِّفْ على الحقّ قلوبنا، برحمتك يا أرحم الراحمين.
عباد الله، أقول ما سمعتم، وأستغفر الله العظيم لي ولكم، فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.

_______________________________________

الخطبة الثانية:

الحمد لله الذي أنعم علينا بطاعته، وتفضّل علينا بكرمه، والصلاة والسلام على مَنْ دلّنا على كل خير وحذّرنا من كل شر، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فهذا يوم الصفح والعفو، لا يوم الشحناء والبغضاء، تذكّر -يا مؤمن- كم هدانا الله في رمضان لأعمال جليلة، وقربات عظيمة، فتنبّه يا عبد الله، لا تتسبب اليوم في حجبها، وعدم رفعها، من يرضى -يا كرام- أن تبقي أعماله حبيسة لا تُرفَع إلى الله بسبب خصومة، أرأيت الصيام والقيام، وقراءة القرآن، أرأيت الصدقة والإحسان، أرأيت ليلة القدر ذات الشأن، أكل هذا قد يحجب ولا يُرفع بسبب خصومة!؟
تذكروا -يا كرام- قوله صلى الله عليه وسلم: "تُفتَح أبواب الجنة كل يوم اثنين وخميس، فيغفر الله جلَّ وعلا لكل عبدٍ لا يُشرك بالله شيئًا، إلا رجلاً كانت بينه وبين أخيه شحناء، فيقال: أنظروا هذين حتى يصطلحا، أنظروا هذين حتى يصطلحا، أنظروا هذين حتى يصطلحا" [رواه مسلم] وفي رواية (إلا للمتهاجرين). فبادِر -يا عبد الله- بالصلح والمسامحة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "وخيرهما الذي يبدأ بالسلام".

وأنتِ أختي المؤمنة، اعلمي أنكِ على ثغرٍ كبير، وعليكِ مسؤولية كبيرة، وأنّ الله هيأكِ وخلقكِ لرعاية الناشئة، لذا كانت الوصية بكِ مقدمة على الأب عدة مرات، قال صلى الله عليه وسلم: "أمك، ثم أمك، ثم أمك، ثم أبوك"، فتذكري هذا، وأكثري من ذكر الله، ورطّبي لسانكِ به، واحذري مزالق اللسان، وعدم رعاية حقوق الزوج والبيت، فقد قال صلى الله عليه وسلم في يوم عيد: "يا معشر النساء، تصدّقْن، وأكثرن الاستغفار، فإني رأيتكن أكثر أهل النار"، فقالت امرأة منهم جزلة: وما لنا يا رسولا الله أكثر أهل النار؟ قال: "تكثرن اللعن، وتكفرن العشير" [رواه مسلم].
واهتمي أختي الفاضلة بلباسكِ وكلامكِ، حتى لا تكوني فتنة لغيركِ وأنت لا تعلمين، وتأسَّيْ بالفاضلات العفيفات، قال تعالى: ﴿فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا﴾ [القصص: 25].
اتقي الله فيما تلبسين، وما تقولين، وكوني سفير خير، وسبب اجتماع في الأسرة والعائلة، وإياكِ من زرع الشحناء والبغضاء بنقل الكلام، أو تحريفه، واطلبي دائمًا ما عند الله، فما عند الله خيرٌ وأبقى، وما عند الناس يزول ويفنى.

اللهم اجعلنا مفاتيح خير، مغاليق شر، اللهم فرّح قلوبنا بعفوك، وآنس نفوسنا بصفحك، برحمتك يا أرحم الراحمين.
عباد الله، صلوا وسلموا على الرحمة المهداة، والنعمة المسداة، محمد بن عبد الله، كما أمركم بذلك الله فقال: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [الأحزاب: 56].

د. عويض بن حمود العطوي
جامعة تبوك
Dr.ahha@gmail.com

تعليقات 0 | إهداء 0 | زيارات 845



خدمات المحتوى


تقييم
1.26/10 (15 صوت)

Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.

Copyright © 1446 alatwi.net - All rights reserved

جميع الحقوق محفوظة لموقع الدكتور عويض العطوي - يُسمح بالنشر مع ذكر المصدر.

الرئيسية |الصور |المقالات |الأخبار |الفيديو |الصوتيات |راسلنا | للأعلى

لتصفح أفضل: استخدم موزيلا فايرفوكس

 لتصفح أفضل: استخدم موزيلا فايرفوكس