تابعنا على الفيس بوك تابعنا على تويتر تابعنا على اليوتيوب تابعنا على الساوند كلاود


الرئيسية السيرة الذاتية الخطب الصوتيات المرئيات المقالات و البحوث الدورات الجامعة الصور تدبر القران الإصدارات الشهادات و الدروع المشاركات و الأنشطة

 

 
جديد الفيديو
 

 
المتواجدون الآن

 
09-22-1431 01:27 AM

الخطبة الأولى:
أما بعد:
فقد قيل: ليس في الجسد مضغتان أطيب من القلب واللسان إذا طابا، ولا أخبث منهما إذا خبثا.
أخي الكريم، سبق الحديث عن أثر اللسان، وخطر الكلام على القلب والجوارح، الدين، والعقل، والمال، والعرض، والدم، وبقي أن ننظر في أثر هذا اللسان على العلاقات والاجتماعات، وأثره على الروابط وأواصر المحبة، وجوامع الأخلاق.
لقد قال صلى الله عليه وسلم مبيِّناً خطر هذا اللسان على هذه الأمور: "مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ"([1]) رواه البخاري.
وسأل عبد الله بن مسعود رسول الله صلى الله عليه"يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ الأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ قَالَ:الصَّلاةُ عَلَى مِيقَاتِهَا، قُلْتُ: ثُمَّ مَاذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ:بِرُّ الْوَالِدَيْنِ، قُلْتُ: ثُمَّ مَاذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ:أَنْ يَسْلَمَ النَّاسُ مِنْ لِسَانِكَ"([2]) صحيح، رواه الطبراني.
عباد الله، من مقاصد هذا الدين جمع الكلمة، وإذهاب أسباب البغضاء والفرقة، لذا فهو يدعو إلى الأخوَّة، ويوثّق عرى المحبة، ولكن هذا اللسان يمكن أنْ يبدد كل هذا، فكم حصل بسببه من فراق؟, وحدث بسببه من شقاق؟, فبكلمة تشتت الأسرة، وتشرد الأطفال، بكلمة يلقيها الزوج في لحظة غضب يتفكك شملٌ كان ملتئماً، وتتناثر حبات عقد كان منظوماً، مآسي وآلام، وهموم وأحزان، كل ذلك كان بسبب كلمة.
والإخوة والأقرباء، كم فرقتهم حصائد الألسنة، وشتتهم ثمرات الكلمة؟، فما زال نقل الكلام من أعظم أسباب الخصام, يسعى بها الواشون، لتفريق الجمع، ونشر الشتات بين الأصحاب والجيران، والأقرباء والخلان، ولا نجد كاللسان سببا في تفريق جمعهم، ولا زرع الشقاء بينهم.
وتلك الأخوة التي عظَّم الإسلام شأنها، ورفع قدرها، وأجزل أجرها، وجعلها سبباً لجمع الشتات، وتقوية الأواصر، وتلك الأخوة تنقضها حصائد الألسنة نقيضاً، وتهد أركانها هداً.
وهذا ما نجده واضحاً في ذكر الأخوة بعد القتال بين فئتين من المؤمنين )إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ( [الحجرات:10], جاء بعد هذه الأخوة التي هي من أسباب النصر والفلاح؛ نهيٌ عن أخطر ما يؤثر على هذه الأخوة كما قال ربنا سبحانه: )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ بِئْسَ الاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ اْلأِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ & يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ([الحجرات: 11- 12], إنها هادمات صرح الأخوة، وحاصدات زرع المحبة، والسخرية، والتنابز واللمز، والظن، والتجسس، والغيبة.
إنها إشارة -يا عبد الله- أن الأخوة لا تبقى مع هذه الصوارف، وأن المحبة لا تشيع معه هذه المبددات، وأن الاجتماع لن يتم مع هذه المفرقات.
يا مؤمن، إن كل هذه الحصائد تفرق ولا تجمع، تهدم ولا تبني، مع أن الله عز وجل جعل مهمة الكلام النافع في إصلاح الناس؛ فقال سبحانه: )أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ ([النساء: 114].
عباد الله، تأملوا أي عداوة حصلت، وأي خصومة حدثت، أتجدون للِّسان علاقة بها؟, إنني على يقين أننا لن نعدم اللسان أثراً فيها، ومع ما زال يوجد بيننا من يدبج القصائد، وينظم الأشعار التي تثير الضغائن، وتبعث الكمائن، وبعض الخلق إذا الناس تقاربوا، واجتمعوا ألقى بينهم كلمة تذكرهم بماضيهم، وتثير فيهم ثارات سابقة، فيتفرق الجمع، وتحصل الفرقة، وهؤلاء يعملون عمل الشيطان، يا ويحهم كم يصدون عن خير، ويبذرون من شر.
أخي الفاضل، هذا بعض أثر هذه الجارحة على العلاقات، فما أثرها على الحسنات؟.
إنها إلى جانب كل ما ذكر، تزيد الذنوب، وتجلب كبير الحُوب، تبدد الحسنات، وتزيد رصيد السيئات، وتجمع على الإنسان النقائص والمعايب؛ ذكر أنَّ قس بن ساعدة اجتمع مع أكثم بن صيفي، فقال أحدهما لصاحبه كم وجدت في ابن آدم من العيوب؟, فقال: هي أكثر من أن تحصى، والذي أحصيته منها ثمانية آلاف عيب، ووجدت خصلة إنْ استعملتها سترت العيوب كلها، قال: وما هي؟ قال: حفظ اللسان.
أخي الكريم، هذا ليس بأمر عجيب، ولا شأن غريب، إذ كل ما سمعته عن اللسان يؤكد هذا، ونحن الآن ونحن نسرد على مسمعك بعض الذنوب التي يكون مصدرها هذا اللسان، أو ما يخطُّ البنان، لأن البنان أحد اللسانين.
تذكر معي الآن أيها الفاضل هذه الذنوب الكثيرة التي نعرفها، ربع هذه تقع فيها دون شعور أحياناً، لا لأنها هيّنة سهلة، ولكن لأننا نحن هوّنا من شأنها، وتناسينا خطرها.
يا مؤمن، تذكر أن من ذنوب اللسان، الشرك بالله، سواء أكان شركاً أكبر بدعاء غير الله، والاستغاثة بسواه كالأحجار والأشجار والقبور والأولياء ممن ليس له نفع ولا ضر، أم من الشرك الأصغر، قول القائل: ما شاء الله وشئت، ولولا الله وفلان، وما أشبه ذلك.
ومن حصائد اللسان الكفر والخروج من الملة بغير الصور المتقدمة، ومن ذلك سب الله العظيم، أو سب رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم، أو التنقص لكتاب الله العظيم.
كل ذلك هلاك عظيم خاض فيه بعض من لا يقدُر الله، ولا رسوله، ولا كتابه حق قدره، قال شيخ الإسلام أبو العباس: "وتحرير القول فيه أنَّ الساب إن كان مسلماً فإنه يكفر، ويقتل بغير خلاف ، وهو مذهب الأئمة الأربعة وغيرهم"([3]).
ومن هذا أيضاً إنكار القَدَر، فقد قال صلى الله عليه وسلم فيمن هذا شأنه: "لِكُلِّ أُمَّةٍ مَجُوسٌ، وَمَجُوسُ أُمَّتِي الَّذِينَ يَقُولُونَ: (لاَ قَدَرَ)، إِنْ مَرِضُوا فَلاَ تَعُودُوهُمْ، وَإِنْ مَاتُوا فَلاَ تَشْهَدُوهُمْ"([4]) رواه مسلم وأحمد، وهو في المشكاة.
وهناك كفر دون كفر سببه اللسان وطريقه الكلام، من ذلك الحلف بغير الله كما قال صلى الله عليه وسلم: "مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللَّهِ فَقَدْ كَفَرَ، أَوْ أَشْرَكَ"([5]) رواه الترمذي وهو في الإرواء.
ومن ذلك سؤال العرافة وتصديقهم،"من أتى عرافاً أو كاهناً فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد. صحيح (أحمد وغيره)" ([6]).
ومن ذلك نسبة النعمة إلى غير المنعم، قال صلى الله عليه وسلم: "مَنْ قَالَ مُطِرْنَا بِنَوءِ كَذَا وَكَذَا ، فَذلكَ كَافِرٌ بِي؛ مُؤْمِنٌ بِالكَوْكَبِ"([7]).
والمراء في القرآن قال صلى الله عليه وسلم: "الْمِرَاءُ فِي الْقُرْآنِ كُفْرٌ"([8]) أخرجه أحمد (صحيح)، هذه صور لبعض حصائد الألسنة في باب الشرك والكفر عياذاً بالله.
ومن حصائده الخطيرة الكبائر منها:
شهادة الزور، القذف، الكذب والبهتان، الغيبة والنميمة، إفشاء الأسرار، السخرية والاستهزاء، التنابز بالألقاب، الطعن في الأنساب، والتفاخر بالأحساب، النياحة، ادعاء المرء غير أبيه أو مواليه، اللعن والسب، الجدال في الباطل، أذية المسلمين، التجسس، المن بالعطية، اليمين الغموس([9]), وهذا كله ذكره الذهبي في الكبائر.
يضاف إلى ذلك من ذنوب اللسان, البذاء والفحش، الغناء، المزاح الخارج عن حدود الشرع, مقاطعة الكلام، التألي على الله، الاستغفار للمشركين، سب الدابة والريح، والديك، والدهر، والحمى، نشد الضالة في المسجد، التكلم يوم الجمة والإمام يخطب، القيل والقال، التكفف وسؤال الناس (التسوُّل)، تزكية من لا يعرف، المدح في الوجه، قول (لو) فيما أنقضى ومضى، النذر في المعصية، أقوال كثيرة منهي عنها مثل: "شاهنشاه، خبثت نفسي".
معاشر الفضلاء، إنها حصائد كثيرة، مخاطرها كبيرة، كلها ذنوب بل موبقات، بل بعضها مخرجات، كلها من حصائد هذا اللسان العجيب الذي أطلقنا عنانه، وحددنا سنانه، يقول ابن عباس رضي الله عنه"إن أكثر خطايا بني آدم في لسانه"([10]).
أخي الفاضل، أدركت وأنت تسمع هذا السرد المتواصل لحصاد اللسان من الكفريات، والكبائر والموبقات، والمحرمات، هل أدركت حجم الذنوب التي يقودك لسانك إليها؟، هلاَّ حكمة عليه بالسجن أو الترشيد؟؛ علك أنْ تسلم بكثير من الصمت من كثير من المقت.
العلم زين والسكـوت سلامة *** فإذا نطقت فلا تكن مكثـاراً
ما إن ندمت على سكوتً مرة *** ولقد ندمت على الكلام مراراً
أخي الكريم، لعلك لا تدرك حجم تلك الذنوب التي ساقك إليها اللسان إلا حينما تتأمل هذا الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه, قال صلى الله عليه وسلم: "« أَتَدْرُونَ مَا الْمُفْلِسُ؟»، قَالُوا: الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لاَ دِرْهَمَ لَهُ وَلاَ مَتَاعَ، فَقَالَ: « إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلاَةٍ، وَصِيَامٍ، وَزَكَاةٍ، وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا، وَقَذَفَ هَذَا، وَأَكَلَ مَالَ هَذَا، وَسَفَكَ دَمَ هَذَا، وَضَرَبَ هَذَا، فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ؛ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ؛ ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ"([11]).
يا لله, كم جلب هذا اللسان من مضرة، إنه لا يجلب الذنوب فحسب، بل هو يذهب الحسنات ويبددها، فهذا المغتاب يوزع حسناته بين الخلق كل يوم دون مبالاة؛ و قيل لأحدهم: إن فلانًا قد اغتابك، فبعث إليه طبقاً من الرطب, قال: بلغني أنك أهديت حسناتك إليَّ، فأردت أن أكافئك بها، فاعذرني فإني لا أقدر أن أكافئك بها على التمام.
تأملوا يا كرام قدْر ما نجمع من ذنوب، ونصدر من حسنات بجلسات الغيبة المطولة التي تُقضى بها الأوقات، وتُدار بها الجلسات, وقد قيل: الغيبة ضيافة الفُسَّاق.
أيها الإخوة الكرام، هذه عثرات القدم ونعمل على علاجها، لكننا نتساهل بعثرات اللسان، وهي الأشد والأعظم.
يموت الفتى من عثرة بلسانه*** وليس يموت المرء من عثرة الرجل

ولأن العثرة عثرتان، في الرِجل وفي اللسان، جمعها الحق تبارك وتعالى في قوله: )وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْناً([الفرقان: 63], هذا إصلاح لعثرة الرجل، وبيانٌ لكيفية استقامتها، )وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاماً([الفرقان: 63], هذا إصلاح لعثرة اللسان، وبيانٌ لكيفية استقامته، وتذكر دوماً أيها الفاضل بأن قلب الأحمق في فمه، وفم الحكيم في قلبه.
اللهم اهدنا للخيرات، وجنبنا المنكرات برحمتك يا أرحم الراحمين.
عباد الله أقول ما سمعتم واستغفر الله العلي العظيم لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

_______________________
الخطبة الثانية
أما بعد:
أخي الكريم لعلك تسأل كيف الخلاص من شَرك اللسان؟.
إن هذا اللسان يجب أن يكون على قدر المسؤولية في الإجابة عنه، وأكثرنا يعرف سبيل الخلاص لكنه يتكاسل عنه، وقد تقرر أن كثيراً من الناس يحفظون أيديهم، وأرجلهم، وأسماعهم، وأبصارهم، وفروجهم؛ لكنهم يعجزون عن حفظ ألسنتهم مع شدة خطرها، فإليك الآن بعضاً من الوسائل على سبيل التذكير فحسب.
أولاً: الدعاء بأن يقيك الله شر هذا اللسان، وأن يحفظك من شره، روى الترمذي بسند صحيح أن شكل بن حميد رضي الله عنه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم: ((فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، عَلِّمْنِي تَعَوُّذًا أَتَعَوَّذُ بِهِ، قَالَ: فَأَخَذَ بِكَتِفِى؛ فَقَالَ: « قُلِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ سَمْعِي، وَمِنْ شَرِّ بَصَرِي، وَمِنْ شَرِّ لِسَانِي، وَمِنْ شَرِّ قَلْبِي، وَمِنْ شَرِّ مَنِيِّي"([12]).
ثانياً: ترشيد الكلام وتقليله؛ وذلك بالنظر فيه واختيار ما ينفع، وترك ما يضر، ومجمل الكلام على أربعة أقسام:
قسم شر كله، وقسم بعضه شر وبعضه خير، وقسم لا يُدرى عنه من أي القسمين هو، فهذه الأقسام الثلاثة تترك جميعها، وهي أكثر كلامنا، وأحيانا هي كل كلامنا، ولم يبق إلا القسم الرابع، وهو ما كان خيراً كله، قال صلى الله عليه وسلم: "مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ"([13]).
ثالثاً: التدرب على السكوت والصمت، فكما أننا تعودنا على الهذر والكلام؛ لماذا لا نتعود على السكوت والصمت؟، أو نحاول من ساعتنا هذه ألا نتكلم إلا إذا احتجنا إلى الكلام حاجة ماسة, ومما يساعدنا على ذلك محاولة إحصاء الكلام وعده، ولو في يوم واحد أنستطيع ذلك؟, يقول الفضيل بن عياض: "إني لأعلم من يعد كلامه من الجمعة إلى الجمعة", ولا بد من العناية بالصمت والسكوت وخصوصاً حال الغضب؛ فقد قال صلى الله عليه وسلم: "إذا غضب أحدكم فليسكت"([14]).
رابعاً: تذكر عواقب إطلاق اللسان، فهي وبال وخسران، في الدنيا والأخرى، والنجاة حبس اللسان، عن البراء بن عازب قال جاء أعرابي إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، فقال: "يا رسول الله علمني عملاً يدخلني الجنة, قال: " إن كنت أقصرت الخطبة لقد أعرضت المسألة، أعتق النسمة، وفك الرقبة، فإن لم تطق ذلك فأطعم الجائع، واسق الظمآن، وأمر بالمعروف، وانه عن المنكر، فإن لم تطق ذلك فكف لسانك إلا عن خير"([15]) رواه أحمد وابن حبان في صحيحه والبيهقي.
خامساً: العمل بمبدأ ﴿إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ﴾([16])، فمن أراد أن يتخلص من فلتات اللسان، وعيوب الكلام، فعليه باستعمال هذه الجارحة فيما ينفع، ليكن لسانك رطباً من ذكر الله، اقرأ القرآن، ردِّد الأدعية والأوراد، سبِّح واستغفر، ادع إلى الخير، وأصلح بين الناس؛ عند ذلك سيقل الخطأ، ويعوَّد اللسان على الخير؛ لأن هذا اللسان كما أنه يهدم كثيراً فإنه يبني كثيراً، فمن الحماقة أن تترك خيره وتحرص على شره.
سادساً: مصاحبة الصالحين، والبعد عن مجالس المغتابين والنمامين، وبذيء القول واللسان، فالرجل على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل.
سابعاً: العزلة إلا في الخير، وهذا أمر مجرَّب؛ فأنت لا تطلق لسانك إلا إذا خالطت الناس، ولو جلست في بيتك، وتفكرت في نفسك يوماً واحداً؛ لما تكلمت كما تتكلم إذا خالطت الناس وشاركتهم في الحديث، عن معاذ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خمس من فعل واحدة منهنّ كان ضماناً على الله: من عاد مريضاً، أو خرج مع جنازة، أو أخرج غازياً، أو دخل على إمامه يريد تعزيزه وتوقيره، أو قعد في بيت،ه فسلم الناس منه، وسلم منه الناس"([17]) رواه أحمد والطبراني.
عباد الله، صلوا وسلموا على الهادي البشير، والسراج المنير، الرحمة ومعلم الحكمة، الرحمة المسداة والنعمة المهداة استجابة لأمر الله.
--------------------------
([1]) صحيح البخاري - (ج 1 / ص 25).
([2]) المعجم الكبير للطبراني - (ج 8 / ص 327).
([3]) فتاوى و مقالات ابن باز - (ج 1 / ص 88).
([4]) مسند أحمد - (ج 12 / ص 245).
([5]) سنن الترمذي - (ج 6 / ص 193).
([6]) صحيح كنوز السنة النبوية - (ج 1 / ص 154).
([7]) رياض الصالحين (تحقيق الدكتور الفحل) - (ج 2 / ص 266).
([8]) مسند أحمد - (ج 17 / ص 241).
([9]) هي: أَنْ يَحْلِفَ عَلَى ذَلِكَ، وَلا يَعْقِدَ أَنَّ الأَمْرَ عَلَى مَا حَلَفَ عَلَيْهِ؛ إمَّا لأَنَّهُ يَعْلَمُ ضِدَّ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ، أَوْ لأَنَّهُ يَشُكُّ فِي ذَلِكَ. انظر: المنتقى - شرح الموطأ - (ج 3 / ص 92).
([10]) تخريج أحاديث الإحياء - (ج 6 / ص 7).
([11]) صحيح مسلم - (ج 8 / ص 18).

تعليقات 0 | إهداء 0 | زيارات 957



خدمات المحتوى


تقييم
4.63/10 (12 صوت)

Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.

Copyright © 1446 alatwi.net - All rights reserved

جميع الحقوق محفوظة لموقع الدكتور عويض العطوي - يُسمح بالنشر مع ذكر المصدر.

الرئيسية |الصور |المقالات |الأخبار |الفيديو |الصوتيات |راسلنا | للأعلى

لتصفح أفضل: استخدم موزيلا فايرفوكس

 لتصفح أفضل: استخدم موزيلا فايرفوكس