جديد الفيديو
المتواجدون الآن
| 01-22-1433 10:27 PM
هو أحد أهم أركان علم البيان، وفيه مباحث كثيرة، تشمل تعريفه، وأركانه، وأنواعه وأقسامه، وأدواته، وبلاغته وتأثيره، وسنتحدث عن كل ذلك بما يبينه دون إطالة إن شاء الله.
تعريف التشبيه.
التشبيه هو: إلحاق أمر بأمر لوجود جامع بينهما، وله أركان أربعة هي :
1ـ المشبه
2ـ المشبه به .
وهذان هما طرفا التشبيه، ولابد أن يكونا مذكورين ولو حذف أحدهما تحول التشبيه إلى استعارة .
3ـ وجه الشبه وقد يذكر وقد يحذف .
4ـ أداة التشبيه وقد تذكر وقد تحذف .
هذه هي أركان التشبه ودعائمه، فلو قلت مثلاً: هو كالبحر كرماً ، كان التشبيه كامل الأركان، ف(هو ) المشبه ،و(البحر) المشبه به، و( الكاف ) أداة التشبيه ، و( كرماً) وجه الشبه، وقد تحذف الأداة ووجه الشبه فيقال : هو البحر ، فيبقى تشبيهاً لوجود الطرفين ، لكن لو قلت : قابلت بحراً، لتحول التشبيه إلى استعارة، لعدم وجود أحد طرفيه وهو المشبه، لأن الاستعارة في الحقيقة تشبيه حذف أحد طرفيه .
قيمة التشبيه وبلاغته.
ليس التشبيه أقل قدراً من المجاز ، ولا من الكناية ، لأنه يزيد المعنى وضوحاً ، ويكسبه تأكيداً، ويزيل عنه كل عوامل الإبهام، لذا أطبق الأقدمون وغيرهم علي استعماله، وكثر في السنة والقرآن جريانه، مما يدل على مكانته، وعظيم منزلته، وقد أبرز قدره عبد القاهر الجرجاني في أسرار البلاغة وأوضح أن المعنى المراد إن كان مدحاً كان بالتشبيه أبهى وأفخم في النفوس وأعظم، وإن كان ذما كان مسه أوجع، وميسمه ألذع، وإن كان وعظاً كان أشفى للنفوس وأنفع .
أقسام التشبيه :
تقسيمات التشبيه كثيرة، ولكن ما يهمنا هو الأثر البلاغي للتشبيه بغض النظر عن نوعه، لذا لن نخوض كثيراً في التقسيمات التي تجهد الذهن وتبعد عن تربية الذوق ، إلا في حدود الضرورة، وما يسهم في خدمة المعنى، ومن تلك الأنواع:
أولا : التشبيه المطلق والمقيد .
للتقييد دلالات معينة ومهمة في التشبيه، والتقييد والاطلاق يتعلقان بالطرفين: المشبه والمشبه به، وقد يكون الإطلاق والتقييد في المشبه والمشبه به معاً أو في أحدهما، مثال ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم : (الساعي على الأرملة والمسكين كالصائم الذي لا يفطر وكالقائم الذي لا يفطر)، فتجد التشبيه هنا قد قيد فيه الطرفان ، الساعي مقيد بـ( على الأرملة والمسكين ) وهو المشبه ، والمشبه به الصائم والقائم مقيدان بـ ( لا يفتر ، لا يفطر) ، فالمقصود: ساعٍ معين، قائم وصائم معين وهذا يحدد المراد من التشبيه، فالأجر في هذا الحديث لا ينصرف لكل ساع، وكذلك نوعية العمل المشبه به لا يشبه أي عمل .
وقد نجد القيد في أحد الطرفين دون الآخر مثل : زيد المقدام كالأسد ، فهنا حصل التقييد للمشبه ، وهو يُشعر بأنه ليس كل(زيد) يكون كالأسد، وإنما المقصود (زيد) الموصوف بالمقدام، ومثل هذا قولك: هذا أمر واضح كالشمس، فقُيد المشبه بالوضوح وأطلق المشبه به .
أما مثال إطلاق المشبه وتقييد المشبه به فكقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( الناس كإبل مائة لا تجد فيها راحلة) ، فالناس مشبه وهو مطلق غير مقيد وهذا يعنى أن هذا وصف للناس بعمومهم ، وأن هذا هو الغالب عليهم ، بينما كان المشبه به ( الإبل ) مقيدا بالإضافة (مائة ) فهو عدد كثير، وأيضا بالوصف : لا تجد فيها راحلة، أي لا نفع فيها على كثرتها، ولو حذف هذا القيد لكان تشبيه الناس بالإبل غير معروف الهدف، فلا يدرى أللذم هو أم للمدح؟ ، لكن القيد حدد ذلك، وهذا هو أثر القيد .
أما ما أطلق فيه الطرفان دون قيد فمثل: زيد كالأسد ، فالمقصود مطلق المشابهة فيما عُرف به الطرفان ، من غير تحديد معين لوصف خاص، أو لفت لسمة معينة .
ثانيا : التشبيه المفرد والمتعدد .
إذا قلنا إن الإطلاق والتقييد لهما الأثر الواضح في تحديد المراد من التشبيه ، فكذلك التعدد والإفراد في التشبيه له مدلوله، فالتعدد يكون مطلوباً إذا كان التشبيه الواحد لا يفي بالغرض فيكون التشبيه الثاني لإتمام المراد ويفرد إذا كان المقام يعنى شيئاً واحداً.
مثال المفرد : هو كالسحاب في الجود ، فالمشبه : ( هو ) مفرد ، والمشبه به : ( السحاب) مفرد ، ومثال المتعدد : قوله تعالى : ( أنها ترمي بشرر كالقصر كأنه جمالة صفر) فالمشبه : ( الشرر) وهو مفرد والمشبه به : ( القصر ) و( جمالة صفر ) وهو متعدد ، فهنا حصل التعدد في المشبه به ، وأما المشبه فمفرد ، وبيان جمال هذا التشبيه على النحو الآتي:
شبه الله سبحانه وتعالى الشرر المتطاير من نار جهنم يوم القيامة ببناء عظيم وهو(القصر) أولاً، وبـ(جمالة صفر) ثانياً ، وقد جاء التفصيل والتعدد في المشبه والمشبه به لاستيفاء الأقسام واستكمال الصورة؛ لأن بعض الشرر المتطاير يكون عظيما كبيراً كالقصر وبعضه يكون لونه أصفر كالجمال الصفر، أو لأن القصر يبين الحجم والجمالة الصفر يتبن اللون، الدال على حياة هذا الشرر، وقد يشير ذكر الجمالة الصفر إلى الحركة بخلاف القصر فهو يصور الضخامة فحسب، وجاء الوصف بالصفر- وهو قيد- لأنه لون محبب في الإبل، أو لأن الصفرة أنواع والمقصود منها هنا هو ما كان مثل صفرة الإبل ، فتبين هنا أن التعدد قد أكمل الصورة ، فواحد من التشبيهات لبيان الحجم والثاني لبيان اللون، أو لأن المراد بيان المقياس لشرر تلك النار، فقيس بما يناسب أهل المدر ( المدن ) بالقصور وهي أعظم ما عندهم قيمة وقدراً، وقيس بالجمال الصفر مع أهل الوبر ( البادية ) وهي من أعظم ما عندهم قدراً وقيمة، كما أن هذه المقاييس تشير إلى ما تنعم به هؤلاء في الدنيا، والآن يضرب لهم به المثل في العذاب، زيادة في النكال والتخويف، فما كان رمزاً للراحة والأنس أصبح مقياساً لنوع العذاب وأداته، وقد يكون كل هذا مراداً، والله أعلم.
وقال تعالى : (فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ {56} فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ {57} كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ {58}) فالمشبه : قاصرات الطرف المشار إيه بالضمير (هن) وهو مفرد ، وهو في الوقت ذاته مقيد بـ (لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان)، والمشبه به : الياقوت والمرجان ، متعدد مطلق ، وبيان ذلك أن الله شبه سبحانه وتعالى الحور العين يوم القيامة بالياقوت والمرجان، لأنهما يجمعان صفة الشفافية وكثرة الألوان، وبجانب ذلك هما من أنفس المجوهرات وهذه الصفات تتوجب الحفظ والصون لهما، فخرجنا من هذا التشبيه بالصفاء ، وكثرة الألوان، والنفاسة، وضرورة الحفظ.
ثالثا : أقسام التشبيه من حيث الأداة ووجه الشبه ـ الأداة وأثرها
لابد أن نتذكر أن أركان التشبيه هي : المشبه والمشبه به ، والأداة ووجه الشبه ، وما سبق من أقسام كان يتعلق بالطرفين: أما هنا فالكلام عن الباقي : الأداة ووجه الشبه، وبيان ذلك كالآتي:
أولاً بحسب الأداة:
أ ـ التشبيه المرسل : وهو ما ذكرت فيه أداة التشبيه مثل : زيد كأنه أسد .
ب ـ التشبيه المؤكد : وهو ما حذفت منه أداة التشبيه مثل : زيد أسد في الشجاعة.
فنلحظ أن المدار هنا على الأداة ، حذفا وذكراً ، وليس حذفها مثل ذكرها .
قال تعالى : ( وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب ) فهنا حذفت الأداة، والتقدير وهي تمر كمر السحاب، وسر حذف الأداة لأن الجبال سوف تكون يوم القيامة كالسحاب في ارتفاعه وتحليقه وحذفت الأداة لأن القضية متساوية، ولبيان عظم التغير الذي سيحصل يوم القيامة ، فالجبال التي في عرف الناس كانت مَثَلا للثبات والرسو سيأتي عليها يوم تتناثر فيه كالقطن ، كما قال سبحانه : (وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ) وتسير في السماء كأنها سحاب سواء بسواء، فسقوط الأداة وهي الكاف هنا أشعرنا بمدى التساوي بين الصورتين : الجبال والسحاب ، وإنما كان ذلك كذلك ،لأن الجبال معروف عنها الثقل والثبات فتشبيهها بالسحاب فيه نقلة كبيرة عما كانت عليه فحتى لا يظن بقاء التفاوت بينهما سقطت الأداة .
ثانياً: بحسب وجه الشبه:
أـ التشبيه المفصل : وهو ما ذكر فيه وجه الشبه.
بـ التشبيه المجمل : وهو ما حذف فيه وجه الشبه.
ثالثاً: بحسب الأداة ووجه الشبه:
أـ التشبيه التام: ما ذكر فيه الأداة ووجه الشبه (مرسل مفصل).
ب ـ التشبيه البليغ : وهو ما حذف منه وجه الشبه والأداة (مؤكد مجمل).
الأمثلة التوضيحية :
محمد كالبحر في الجود : تشبيه تام (مرسل مفصل) لوجود الأداة ووجه الشبه .
محمد بحر في الجود : تشبيه مؤكد مفصل ذكر فيه وجه الشبه ولم تذكر الأداة .
محمد كالبحر : تشبيه مرسل مجمل ذكرت فيه الأداة ولم يذكر فيه وجه الشبه .
محمد بحر : تشبيه بليغ (مؤكد مجمل) حذفت منه الأداة ووجه الشبه .
الفرق بين الكاف وكأن.
بما أننا تحدثنا عن أدوات التشبيه فيحسن هنا أن نشير إلى أن أداتي التشبيه الرئيستين هما الكاف وكأن، وبينهما بعض الفروق، فـ ( كأن ) تستعمل في مواطن المبالغة حين يقوى الشبه ويشتد فإذا قلنا: زيد كالأسد فهو ليس مثل قولنا: زيد كأنه أسد، فمع الكاف نقر بأن زيداً أقل من الأسد ونلحقه به في الشجاعة، أما مع ( كأنّ ) فإنا ندعي ونبالغ في وصف زيد بالشجاعة حتى كأنه أسد في صورة آدمي، لذا قالت بلقيس لما رأت عرشها ( كأنه هو ) ، وأيضا تأتي (كأن) كثيرا في التشبيه الذي فيه غرابة، ويراد تقريب المعنى وتأكيده، لإذهاب أثر تلك الغرابة، قال تعالى : ( ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا ) فلا شك أن إحياء نفس واحدة ليس هو إحياء للناس جميعا لكن أريد بيان عظمة أجر إحياء النفس الواحدة .
|
خدمات المحتوى
| تقييم
|
|
|
Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0 Copyright© Dimensions Of Information Inc.
Copyright © 1446 alatwi.net - All rights reserved
جميع الحقوق محفوظة لموقع الدكتور عويض العطوي - يُسمح بالنشر مع ذكر المصدر.
الرئيسية
|الصور
|المقالات
|الأخبار
|الفيديو
|الصوتيات
|راسلنا | للأعلى
لتصفح أفضل:
استخدم موزيلا فايرفوكس
|
|