تابعنا على الفيس بوك تابعنا على تويتر تابعنا على اليوتيوب تابعنا على الساوند كلاود


الرئيسية السيرة الذاتية الخطب الصوتيات المرئيات المقالات و البحوث الدورات الجامعة الصور تدبر القران الإصدارات الشهادات و الدروع المشاركات و الأنشطة

 

 
جديد الفيديو
 

 
المتواجدون الآن

 
المقالات
تدبر القرآن
أهل الاحتساب (3)
أهل الاحتساب (3)
01-09-1433 09:47 PM



أهل الاحتساب (3)



الحمدُ لله رَبِّ العالمينِ، والصلاةُ والسلامُ على المبعُوثِ رحمةً للعالمينِ، نبيّنا محمدٍ عليهِ وعلى آلهِ أفضلُ الصلاةِ وأتمُّ التسليمِ، أمَّا بَعد:
سنقف بمشيئة الله تعالى مع آية الخيرية، لأهل الاحتساب من هذه الأمة، قال الله تعالى: ﴿كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ [آل عمران: 110]، سنقف مع جزءٍ من هذه الآية لبيان ما فيها ما الدلالات.

أولاً: نلحظ في هذه الآية الكريمة كيف بُدِئت بفعل الكون ﴿كُنتُمْ﴾، وقد جاء هنا بصيغة الماضي، ومادة الكون تدل على التمكن والعراقة في الشيء، والماضي يدل على قدم اتصافهم بما يذكر، مما يدل على جدارتهم وعلو قدرهم فيه، وقيل: إذاً إنَّ المراد هم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم خاصة، لذا خاطبهم الله عز وجل وقال: ﴿كُنتُمْ﴾، وما قال الله سبحانه وتعالى: أنتم خير أمة، قال عمر رضي الله عنه: لو شاء ا لله عز وجل لقال: أنتم، فكنا كلنا، ولكن قال: ﴿كُنتُمْ﴾، في خاصة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومَنْ صنع مثل صنيعهم كانوا خير أمة أُخرجت للناس يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، ولعل الأرجح أنهم هذه الأمة بعمومها، وأنهم خيرُ الأمم، ولكن إذا كان ذلك كذلك، فما سر مجيء سر الفعل الماضي (كنتم)؟، خصوصاً أنَّ الماضيَ هنا قد يومئ ويشعر أنهم كانوا خياراً ثم تغيروا بعد ذلك، فقد يشعر هذا بالذنب، جواب ذلك أنَّ فعل الكون هنا يدل على العراقة والتمكن، لا على التحول، فتكون (كان) تامة، بمعنى: وجد وخلق، أي: وجدتم خير أمة، أو خلقتم خير أمة، وقيل: بل كان على بابها، والمراد: كنتم، أي: في اللوح المحفوظ، والقولان الأولان أشبه بالمعنى.

ثانياً: ذكر ضمير المخاطبة ﴿كُنتُمْ﴾ للإشعار بتكريم المخاطبين، وذكر الخيرية ﴿خَيْرَ﴾، وجعلها خبراً لكان، للدلالة على أنَّ الأمر على أنها (أي: الخيرية) هي الأمر الذي تمكن فيهم وهم عالقون فيه، والخير ضد الشر، فبقدر ما يكون الشر مذموماً يكون الخير محموداً، فبالتالي كان عمل هذه الفئة هو الخير الموصول إلى الخير، وهذه الأمة هي خير الأمم وإن كانت آخرها، لذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أنتم توفون سبعين أمة أنتم آخرها وأكرمها على الله "معجم الكبير للطبراني، وقال الحسن: "نحن آخرها وأكرمها عند الله"، وقد يطرأ سؤال هنا، كيف تقيد خيرية هذه الأمة أولها وآخرها، بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهما من فروض الكفاية التي لا يقوم بها كل الناس، إجابة على ذلك، إنَّ في ذلك إلماحاً إلى قيام الكل بهذه الشعيرة، كل بحسب طاقته، حتى يحصل على الخيرية العظيمة، والعجب والله من الذين يتركون هذه الشعيرة، وأحياناً يحاربونها، أين هم من طلب هذه الخيرية العظيمة؟، إنَّ كَّل واحداً منا يجب أن يبحث عن هذه الخيرية في بيته، وفي حارته، وفي شارعه، ولن يعدم أي إنسان سبيلاً للقيام بذلك، ولو على سبيل التطوع وطلب الأجر من الله سبحانه وتعالى بحثاً عن هذه الخيرية، وإسهاماً في إيجادها في هذه الأمة، وهذا يدل أيضاً على أن قيام طوائف من المؤمنين بذلك موجب للخيرية لجميع الأمة، وهذا -والله- فضلٌ كبير من الله عز وجل، وأيضاً هو فضلٌ كبير من هؤلاء على الأمة جمعاء، ولابد أنْ يُشَاد به، وأن يشكر فضلهم في هذا المجال، وهذا يدل أيضاً من جانب آخر على أنَّ هذه الشعيرة لن تنقطع ولن تزول؛ لأنَّ الخيرية في هذه الأمة ثابتة على لسان نبيها صلى الله عليه وسلم، والخيرية -كما رأينا- مرتبطة بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فعلمنا من ذلك أنَّ هذه الشعيرة لن تزول لوجود هذه الأمة.

ثالثاً: بناء الفعل ﴿أُخْرِجَتْ﴾ بصيغة (أفعل)، دون (فعل) خرجت، لبيان أنها لم تخرج بنفسها، بل الذي أخرجها هو الله سبحانه وتعالى، وإنما بُنِيَ الفعل للمجهول (أُخْرِجَتْ) للفت النظر للفعل وهو الإخراج، لأنَّ المُخرِجَ لها هو الله سبحانه وتعالى، وفي حذف الفاعل إظهار أنَّ الفعل لا يكون إلى منه سبحانه وتعالى، وهذه مِنَّةٌ أخرى على هذه الأمة، والتعبير بمادة الإخراج هنا فيه إشادة وعناية بهذه الأمة المطبِّقة لهذه الشعيرة، ففي الإخراج إبرازٌ لها وإظهار، وفي هذا تكريم لها، وعناية بشأنها بين الأمم.

رابعاً: قوله تعالى: ﴿لِلنَّاسِ﴾ في تعدية الفعل (باللام) دون (إلى) للإشعار بالخصوصية والقصد، لا مجرد الوصول والانتهاء، والتعميم في كلمة (الناس) لبيان أنَّ كل البشرية بحاجة إلى هذه الشعيرة لتنعم بالسعادة، لذلك قيل في معناها: هم خير الناس للناس، قال أبو هريرة t: "كنتم خير الناس للناس، تأتون بهم في الأصفاد والسلاسل، حتى تدخلوهم الجنة" رواه البخاري.

وفي التعميم في قوله تعالى: ﴿لِلنَّاسِ﴾ زيادة على ما ذكرنا إشادة كبيرة بهذه الفئة، فلئن كان غيركم قد أخرج لأي أحد، فأنتم بالذات، فأنتم خير من أُخرج للناس على الإطلاق، وهذه إشادة كبيرة، يحق لهذه الأمةِ أنْ تفخر بها.

وبعد هذه المقدمة المشعرة بالتكريم، والمشوِّقة لمعرفة صفات أهل الخيرية، جاء التفصيل في قوله تعالى: ﴿تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ﴾، وهو ما نذكره في (خامساً).

خامساً: نلحظ هنا في قوله تعالى: ﴿تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ﴾ أنَّ الفعل جاء بالمضارع، مع أن ما سبقه كان بالماضي ﴿كُنتُمْ﴾، وذلك لأنَّ هذه الشعيرة لا تعرف التوقف، بل هي دائمة متجددة، وهذا ما يدل عليه المضارع، لأنَّ صيغة الاستقبال الموجودة فيه تدل على الاستمرار التجددي في هذه الشعيرة، وهذا الاستمرار هو المطلوب في هذه الشعيرة، وهو شرط الخيرية، وهذا الاستمرار التجددي هو شرط الخيرية في هذه الشعيرة، والبدء بالأمر بالمعروف قبل الإيمان بالله عز وجل له أسرار، والبدء بالأمر بالمعروف قبل النهي عن المنكر، لما في الأمر بالمعروف من القبول أكثر من النهي عن المنكر، لأنَّ الأمر بالمعروف قد يصادف عند الناس أموراً يحبونها فيستجيبون له، أمَّا النهي فإنَّ فيه منعاً للناس عن ملاذهم وما يشتهون، وهذا أصعب على النفس بالتجربة.

سادسا: في قوله تعالى: ﴿تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ﴾ نجد أنَّ الأوصاف الموجودة هنا ثلاثة: الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والإيمان بالله، والبدء بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قبل الإيمان لعل سرّه يعود أنَّ غيرهم شركَهم في الإيمان بالله، والمطلوب هنا هو الوصف المميّز لهم، وهو في هذا السياق هذه الشعيرة (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر)، فالمقام هنا يقتضي تقديم ما به يتميزون، لأنه مسوقٌ للتنويه بفضيلة هذه الشعيرة، فذكر الإيمان دليل على أنَّ هذه الشعيرة المحمود، لو حصلت من غير المؤمنين لم تكن سبباً لخيريتهم.

ولعل ما ذكرناه يكون كافياً في بيان منزلة هذه الشعيرة العظيمة أسأل الله عز وجل أن نكون من أهلها، والداعمين للقائمين بها، إنَّه وليُّ ذلك والقادر، هذا وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.



د. عويض العطوي

جامعة تبوك

dr.ahha1@gmail.com

تعليقات 0 | إهداء 0 | زيارات 690



خدمات المحتوى


تقييم
1.25/10 (15 صوت)

Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.

Copyright © 1445 alatwi.net - All rights reserved

جميع الحقوق محفوظة لموقع الدكتور عويض العطوي - يُسمح بالنشر مع ذكر المصدر.

الرئيسية |الصور |المقالات |الأخبار |الفيديو |الصوتيات |راسلنا | للأعلى

لتصفح أفضل: استخدم موزيلا فايرفوكس

 لتصفح أفضل: استخدم موزيلا فايرفوكس