تابعنا على الفيس بوك تابعنا على تويتر تابعنا على اليوتيوب تابعنا على الساوند كلاود


الرئيسية السيرة الذاتية الخطب الصوتيات المرئيات المقالات و البحوث الدورات الجامعة الصور تدبر القران الإصدارات الشهادات و الدروع المشاركات و الأنشطة

 

 
جديد الفيديو
 

 
المتواجدون الآن

 
المقالات
مقالات
توحيد الله
توحيد الله
01-08-1433 09:03 PM



توحيد الله


إذا كنا قد عرفنا من صفات عباد الرحمن ، اللين والتواضع ، والحلم والأناة ، وقيام الليالي ، والخوف من يوم التغابن ، والاقتصاد في النفقة ، فإنهم ما كانوا كذلك إلا لما وحدوا ربهم ، وعرفوا قدرهم ، وعظموه حق تعظيمه : ﴿ وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ ﴾ [ الفرقان : 68 ] .
هذه هي قضية القضايا ، وأصل الأصول ؛ عبادة الله وحده ، إنه ما خلقنا سبحانه إلا لنعبده ﴿ َمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾ [ الذاريات : 56 ] ، ولا يقبل منا أن نعبده إلا أن نوحده .
تأمل أيها الكريم : ﴿ وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ ﴾ [ الفرقان : 68 ] هذه القبائح الثلاث : الشرك ، والقتل ، والزنا : كانت فاشيةً في المشركين ، منتشرةً بينهم ، لذا كان مما يميز المؤمنين ، عباد الرحمن تخليهم عن هذه النقائص المشينة ..
وقد جمعت هذه القبائح الثلاثة بعد موصول واحد ؛ للإشعار بترتيب بعضها على بعض ، و ارتباط بعضها ببعض ، ولا شك أن أشنع هذه القبائح هو الشرك الذي فيه تعدٍ واضح على حق الخالق سبحانه ، وصرفهِ إلى مخلوقٍ ضعيفٍ محتاجٍ ..
إنه ذنبٌ كبير ، وجرمٌ خطير ، أن يُشرك العبد الضعيف مع الخالق العظيم المنفرد بصفات الكمال والجمال غيرَه ، كيف يُجعل المخلوق المحتاج نداً للكبير المتعال ، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : ( قلت : يا رسول الله أي الذنب أكبر ؟ قال : " أن تدعوَ لله نداً وهو خلقك " قلت : ثم أي ؟ قال : " أن تقتل ولدك خيفة أن يطعم معك " ، قلت : ثم أي ؟ قال : " أن تزاني بحليلة جارك " ) رواه مسلم .

يا عبد الله ، كيف لا يكون هذا الجرم عظيماً ؟ وفيه تسوية للضعيف بالقوي سبحانه ! الخالق بالمخلوق ! الرازق بالمرزوق ! نعم .. إنه ذنبٌ كبير ، لذا كان التوحيد عنوان المؤمنين ، يعرفون لله قدره ، ويعظمون جنابه ، ولعلك تتساءل أيها الفاضل ، لماذا قال سبحانه : ﴿ وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ ﴾ ؛ وما قال : ( لا يعبدون ) لماذا الدعاء مع أن العبادة هي المقصودة ؟
- الدعاء أيها الفاضل هو المسألة ، هو عنوان الحاجة فإذا احتاج العبد الضعيف ، فإلى من يلجأ ، ومن في كربته يدعو ؟ المؤمنون يدعون ربهم ، و يلجأون إلى خالقهم ، ومَن في قلبه مرض يركن إلى الضعيف فيدعو المخلوق ، ويلوذ بالمحتاج ..
هذا يعقوب - عليه السلام - العارف بربه لما ضاق صدره ، واعتلاه همه ، وفقد ابنه ، وقرة عينه يوسف - عليه السلام - ماذا قال : قال ﴿ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللّهِ ﴾ [ يوسف : 86 ] ..
وهذا إبراهيم الخليل يرى الشرك في عبادة قومه وأبيه للأوثان الصماء ، يرى حق الله يهدر لهذه الحجارة فيقول مبيناً الحق : ﴿ وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاء رَبِّي شَقِيّاً ﴾ [ مريم : 48 ] ويقول سبحانه عن زكريا وذريته : ﴿ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ ﴾ [ الأنبياء : 90 ] .

يا أيها المؤمن بربه ، هذا هو سبيل المؤمنين وتلك هي صفتهم البارزة ؛ مهما لحقهم من الأذى فلا يعرفون إلا الله ولا يلجئون إلا إلى الله ، وذكر الدعاء هنا دون العبادة لأنه أبرز باب يدخل منه الشيطان يجعل العبد مشركاً بالله ، ذلك أن الإنسان يصيبه الضر ، ويقدر الله عليه النوازل ، ويصاب بالمصائب في نفسه أو ماله أو زوجه ، فَيُحسِّن له الشيطان اللجوء إلى البشر ، أو بعض الشجر والحجر ، أو يُزين له كلام كاهن أو ساحر فيزلّ عن الطريق ويقول إنما هو ( دعاء ) !
وما علم أن الدعاء هو العبادة ومن صرفه لغير الله فقد ولج باب من أبواب الشرك ؛ يا أيها المؤمن بربه إن هذه الصفة وإن تخيلت أنك من يتحلى بها ، فإن حرص الشيطان على المساس بها عظيم ، وإنه لن يهدأ حتى يدخلك في نفق الشرك المظلم .
يا أيها الكريم : إننا رغم ما نسمع ونقرأ ونعرف ، إلا أنه يوجد منا من مازال يستخدم السحرة لبعض مصالحه , أو يلجأ لكاهن ليساعده ، أو يطلب البركة والولد أو المال من طرق الضلالة ..
إن تلك الحاجات من فقد الولد أو عدم الإنجاب أو ضياع المال أو بنزول المصاب كل ذلك مقادير قد تحصل لكل إنسان وهنا يكون الامتحان أما انتظر زكريا الولد أكثر من مائة وعشرين عاما ماذا كان يقول فيها : ﴿ و زكريا إذ نادى ربه رب لا تذرني فردا وأنت خير الوارثين ﴾ [ الأنبياء : 89 ] لقد عرف أن المعطي هو الله فلم يدع سواه .

يا أيها الكريم : إنه لمنطق غريب ، يرفضه العقل ، ويمجه المنطق ؛ أن يكون الله سبحانه هو الذي يخلق وغيره يعبد , هو الذي يرزق وغيره يشكر , هو مجيب الدعوات وغيره يُسأل ، غريب من الإنسان أن يلغي عقله فيترك باب القادر ويذهب للعاجز ، يترك القوي ويلجأ إلى الضعيف .
فاعتصم بحبل الله ، واثبت على اليقين ، فالربًّ واحد ، ويجب أن يوحد في ربوبيته و ألوهيته وأسمائه وصفاته ، ومما يساعدك على ذلك ؛ استشعار أنك لست الوحيد في ذلك ، بل هذا الكون كله معك إنه يعرف ربه ويسبحه وينزهه : ﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِّنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَن يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ ﴾ [ الحج : 18 ] .
تأمل يا مؤمن : الشمس والقمر والنجوم والشجر والدواب ؛ كلها تسجد لله ، فلما ذكر الناس قال : وكثير من الناس أي ليس كلهم كذلك أما العجماوات ومكونات هذا الكون فكلها تسجد لله وتعبده وتوحده أفلا تتعظ بذلك ؟

ومن ثمار التوحيد : الرضا والقبول لأقدار الله : ﴿ الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون ﴾ [ البقرة : 156 ] وأما من ضعف يقينه بربه ، واتصاله بخالقه فنجد الاعتراض يبرز على لسانه ، و التسخط يبدو على كيانه .
ومن ثمار التوحيد الطمأنينة والراحة ، فهو يعبد إلها واحداً : ﴿ يا صاحبي السجن أأربابٌ متفرقون خيرٌ أم الله الواحد القهار ﴾ [ يوسف : 39 ] .
تأمل يا عبد الله تلك الحيرة التي يعيشها المشرك بالله كيف يصورها الله في هذا المثل : ﴿ ضرب الله مثلا رجلا فيه شركاء متشاكسون ورجلا سلما لرجل هل يستويان مثلا الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون ﴾ [ الزمر : 29 ] .. فيا عبد الله خلص قلبك لخالقك لا تدع فيه لغير الله محلاً , فتلك هي الغنيمة ، وذلك هو طريق المؤمنين ومن عباد الرحمن ﴿ والذين لا يدعون مع الله إله آخر ﴾ ..

د. عويض بن حمود العطوي
جامعة تبوك
dr.ahha1@gmail.com

تعليقات 0 | إهداء 0 | زيارات 631



خدمات المحتوى


تقييم
1.00/10 (3 صوت)

Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.

Copyright © 1445 alatwi.net - All rights reserved

جميع الحقوق محفوظة لموقع الدكتور عويض العطوي - يُسمح بالنشر مع ذكر المصدر.

الرئيسية |الصور |المقالات |الأخبار |الفيديو |الصوتيات |راسلنا | للأعلى

لتصفح أفضل: استخدم موزيلا فايرفوكس

 لتصفح أفضل: استخدم موزيلا فايرفوكس