تابعنا على الفيس بوك تابعنا على تويتر تابعنا على اليوتيوب تابعنا على الساوند كلاود


الرئيسية السيرة الذاتية الخطب الصوتيات المرئيات المقالات و البحوث الدورات الجامعة الصور تدبر القران الإصدارات الشهادات و الدروع المشاركات و الأنشطة

 

 
جديد الفيديو
 

 
المتواجدون الآن

 
المقالات
الخطب
من معاني الحج (عيد الأضحى)
من معاني الحج (عيد الأضحى)
01-06-1433 08:21 PM



من معاني الحج*
(خطبة عيد الأضحى)


الخطبة الأولى:

الحمد لله الذي أتم علينا نعمَه، وأسبع علينا فضلَه، وأمرنا بتعظيمِه وتسبيحه، وتهليله وتكبيره، والصلاة والسلام على البشيرِ النذير، والسراجِ المنير، محمدِ بنِ عبد الله وآله وصحبه ومَن والاه، أما بعد.
فهذا يومُ الحج الأكبر، فيه تُعظَّم شعائرُ الله، ويُرفع اسمه، ويعلو ذكره، فالله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

معاشر المؤمنين، في هذه اللحظة يجتمع المسلمون لأداء صلاة العيد في مشهدٍ مهيب، ومنظر عجيب، وهناك في مكة يجتمع الحجّاج ليمثلوا كلَّ أصناف المسلمين وأطيافهم، كلَّ بلدانهم وجنسياتهم، إنه مشهدُ الاجتماع الأكبر، يتحقق في هذا العيد العظيم.
معاشر المؤمنين، إنّ الاجتماعَ والاتحادَ والالتقاء؛ لهوَ مِن أهم مظاهر العيد، وهو في الوقت ذاته مِن أهم دروسه لمن وعاه، فإذا لم نجتمع في العيد، فمتى سنجتمع؟ ذلك أنّ العيد يجمع بين الشكر والذكر، والفرح والسرور، والعفو والغفران، إنه بهذا يشكّل بيئة مناسبة لتقوية أواصر الأخوة، وتعزيز مبادئ المحبة بين المسلمين.
إنّ هذا الاجتماع الكبير للمسلمين في مكة، الذي عجزت كل قوى الشر عن إيقافه، أو النيل منه؛ لهو النبراس المضيء، والشاهد القوي على تلاحم هذه الأمة، على مدى الأيام والأعوام.
إنّ هؤلاء الناس لم تسعَ هيئة أو جهة لدعوتهم لمؤتمرهم العظيم، لكن الله سبحانه جعل مَن يحمل هذا الوسام هو أبو الأنبياء، داعيةُ التوحيد؛ إبراهيم عليه السلام، ليكون الإرث قديمًا وعميقًا.

الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

معاشر المؤمنين، إنّ المسلمين هذه الأيام يلتقون في مكانٍ واحد أيامًا عدَّة، تجمعهم الأخوة، وتوحّدهم العقيدة، إنهم يجتمعون ومعهم كل أسباب الاختلاف (اللغة، اللَّون، البُعد)، إنهم من هناك يهدون للأمة كلِّها درسًا عمليًّا في الاتحاد والقوة، في الاجتماع والالتقاء.
معاشر المؤمنين، إننا لو تأملتنا أعمال الحج؛ لوجدناها كلَّها جماعية: الوقوفَ بعرفة، الإفاضة إلى مزدلفة، المبيتَ بها، رميَ جمرة العقبة، الذبح، الحلقَ أو التقصير، طوافَ الإفاضة، رميَ الجمرات، فماذا يعني هذا؟ إنه يعني تكريسَ الوحدة، وتعميقَ العمل الجماعي في هذه الأمة، إنه عمل مكثف لترسيخ مبدأ الجماعة، وإبعادٌ لمبدأ العصبية والإنفراد، كما قال سبحانه: ﴿ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ﴾ [البقرة: 199]، فهلاَّ استفدنا من ذلك في يومنا هذا، وتسامينا على الأحقاد والأضغان، وحققنا معنى الأخوة، وأشعنا معانيَ التسامحِ والعفوِ والصفح.
معاشر المؤمنين، هذا يومكم للالتقاء والتراحم، والتصافي والمحبة، دعونا نشارِك الحجّاج مؤتمرهم العظيم، ولقاءَهم المشرِق، بأن نلتقي، بأن نتصافى، بأن نمد أيدينا لبعضنا.
في هذا اليوم المجيد، يقطف ويحصد المؤمنون جائزة ربهم بغفران الذنوب، ولا عجب، فقد استكانوا لربهم، وأكثروا مِن التضرّع إليه في أيام العشر، وفي يوم عرفة، وهاهم اليوم يفرحون بفضل الله ورحمته، يفرحون بغفران الذنوب، وستر الأدران والحوب.

الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

في هذا اليوم المجيد، يظهر العطاء والإحسان، فهاهم المسلمون يتقرَّبون إلى ربِّهم بذبح ضحاياهم، ليأكلوا ويهدوا ويطعموا، في هذا اليوم يشيع الإطعام والإحساس بالمحتاج، كما قال سبحانه: ﴿وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ﴾ [الحج: 28]، ﴿وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ﴾ [الحج: 36].
إنه درسٌ في التربية على الإحسان، وإشراك الآخرين معك، لتشعرَ بهم، وترفعَ بعض معاناتهم، خصوصًا في مثل هذا اليوم البهيج، إنّ الإسلام يعلمّنا ألاّ نفرح بمعزل عن الآخرين، بل نفرح بهم ومعهم، إنه علاجٌ عملي للأنانية والفردية، وترسيخٌ لمبدأ العون والمساعدة، هكذا يجب أن نفهم العيد، أمَّا أن ندير ظهورنا للمحتاجين، ونتناسى المعوزين، فنشبعَ وهم جائعون، فليس هذا بفرح ولا عيد، فضلاً عن أن نظلم ونعتدي، ونتسبب في رسم البؤس، وزرع المأساة.
إنه ديننا العظيم، الذي يعلمنا أنّ العطاء هو سر البهجة، بل هو جالب الحسنات العظيم، قال صلى الله عليه وسلم كما في صحيح الجامع: "أحبُّ الناسِ إلى الله أنفعهم، وأحبُّ الأعمال إلى الله عز وجل سرورٌ تدخله على مسلم، أو تكشفُ عنه كربة، أو تقضي عنه دينًا، أو تطردُ عنه جوعًا، و لأن أمشيَ مع أخي المسلم في حاجة؛ أحبُّ إليَّ من أن أعتكف في المسجد شهرًا، ومن كف غضبه ستر الله عورته، ومن كظم غيظًا ولو شاء أن يمضيه أمضاه؛ ملأ الله قلبه رضًى يوم القيامة، ومن مشى مع أخيه المسلم في حاجته حتى يثبتها له؛ أثبت الله تعالى قدمه يوم تزل الأقدام، و إنّ سوء الخلق ليفسد العمل كما يفسد الخل العسل".
يا مؤمن، تذكّر دومًا أنّك بإحسانك تكون أحسنتَ لنفسك، وقد قيل: إذا ساعدتَ أحدًا للوصول إلى القمة؛ فأنت قد وصلت إليها معه.

الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

في هذا اليوم المجيد يَتجمّل المؤمنون ابتهاجًا بطاعة ربهم، فيلبسون أحسن الثياب، ويدهنون بأطيب الطيب، ويزيلون ما منعوا منه من الشعر والظفر، بعدما أطاعوا ربهم في الامتناع عنه.
معاشر المؤمنين، لقد رسّخ النبي صلى الله عليه وسلم في مثل هذه الأيام أعظم مبادئ التعامل الإنساني في خطبته الشهيرة في حجة الوداع التي جاء فيها: "إنّ الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض، السنة اثنا عشر شهرًا، منها أربعة حرم ثلاثة متواليات: ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، ورجب، شهر مضر الذي بين جمادى وشعبان، ثم قال: "أيّ شهر هذا؟" قلنا: الله ورسوله أعلم، قال: فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه، قال: "أليس ذا الحجة؟" قلنا: بلى، قال: "فأي بلد هذا؟" قلنا: الله ورسوله أعلم، قال: فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه، قال: "أليس البلدة؟" قلنا: بلى، قال: "فأي يوم هذا؟"، قلنا: الله ورسوله أعلم، قال: فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه، قال: " أليس يوم النحر"، قلنا: بلى يا رسول الله، قال: "فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم، كحرمة يومكم هذا، في بلدكم هذا، في شهركم هذا، وستلقون ربكم فيسألكم عن أعمالكم، فلا ترجعن بعدي كفارًا -أو ضلاّلاً- يضرب بعضكم رقاب بعض، ألا ليبلغ الشاهد الغائب، فلعل بعض من يبلغه يكون أوعى له من بعض من سمعه"، ثم قال: "ألا هل بلغت" [رواه مسلم].

تأملوا معاشر المؤمنين هذه المبادئ العظيمة، وكيف أنها تجتمع في إصلاح منهج الحياة، في بيان تعامل الإنسان مع الإنسان، في بيان حق الإنسان على الإنسان، إنه عليه الصلاة والسلام يذكِّر الناس بحرمة هذا الشهر، وحرمة هذا البلد الحرام، وحرمة هذا اليوم، يوم النحر، ومَنْ منّا معاشر الكرام لا يعظّم هذه المذكورات؟ ومع هذا يتساهل الناس في أمر الدماء والأعراض والأموال، فتراهم يستحلون الدماء حتى في الأشهر الحرم، وليس ما حدث في جنوب البلاد عنا ببعيد، فإن هؤلاء المعتدين لم يراعوا جوارًا، ولا حرمةً لشهر، ولا ليوم، بل تسببوا في ترويع الآمنين، وإخراج الناس من دُورِهم وأرضهم، وأريقت بسبب ذلك دماء، كل ذلك في الأشهر الحرم، بل في أيام الحج المعظَّمة، وكيف يتم ذلك والجاهليون من قبل كانوا يمتنعون فيها عن القتال؛ رعايةً لحرمتها؟ وأمّا الدفاع عن الحمى، وحماية الأمن؛ فليس بمنهيٌّ عنه، لقوله تعالى: ﴿وَلاَ تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ﴾ [البقرة: 191].
معاشر المؤمنين، إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلن في ذلك الجمع المبارك حرمة الدماء والأعراض والأموال فيقول: "فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا، في بلدكم هذا، في شهركم هذا..."، ثم إنه ينبّه صلى الله عليه وسلم على ترك العداوة ونبذة الفرقة فيقول: "فلا ترجعن بعدى كفارًا - أو ضلاّلاً - يضرب بعضكم رقاب بعض...".
إنها دعوة لروح الحج، لروح هذا الدِّين، دعوة للاجتماع ونبذة الفرقة، فهل نعي هذا ونحن في يوم العيد، فنجعل هذا اليوم المجيد ميدانًا للتسامح والصافي؟ نرجو ذلك.

اللهم ألِّف بين قلوبنا، وأصلح ذات بيننا، اللهم سهّل على الحجّاج حجّهم، ويسِّر أمرهم، وردّهم سالمين غانمين إلى أهلهم، برحمتك يا أرحم الراحمين.
عباد الله، أقول ما سمعتم، وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

_______________________________________

الخطبة الثانية:

الحمد لله الذي هدانا لهذا الدِّين، وما كنّا لنهتديَ لولا أن هدانا الله، والصلاة والسلام على مَن تركنا على المحجة البيضاء، ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا هالك، أما بعد.
فهذا يومٌ تُعظَّم فيه شعائر الله، ويلهج المؤمنون بشكره وذكره، فالله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
في هذا اليوم يتقرَّب المؤمنون إلى ربِّهم بذبح الأضاحي والهدي، وبهذه الشعيرة العظيمة، يتذكر المؤمنون تاريخهم العظيم، ويرتبطون بنَبِيِّ الله إبراهيم عليه السلام في حادثة الفداء العظيمة، وما صاحَبها مِن تسليمٍ كاملٍ لأمر الله، لذا وجب تعظيم هذه الشعيرة، وأن تطيّب النفوس بها، وأن يبحث المؤمن عن أنفس الأضاحي وأحسنها وأفضلها؛ ليتقرب به إلى الله، قال تعالى: ﴿لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلاَ دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ﴾ [الحج: 37].
لهذا كان لابد من العناية بسلامتها من العيوب المناقضة لكمالها، قال صلى الله عليه وسلم: "أربع لا تجوز في الأضاحي: العوراء البيِّن عورها، والمريضة البيّن مرضها، والعرجاء البيّن ظلعها، والكسيرة، وفي لفظ: والعجفاء التي لا تنقي" [رواه الخمسة وصححه الترمذي].
فالله الله أيها المؤمنون في العناية بهذه الشعيرة من جوانب عدّة، من حيث اختيارها من أنفس بهيمة الأنعام، وأكثرها سلامة من العيوب، ومن حيث ذبحها أو شهود ذلك، لأنه أقرب إلى تعظيم هذه الشعيرة، وأوضح في إظهارها وإشهارها.

اللهم أدِم علينا أمننا وأماننا، اللهم ثبّت إخواننا المرابطين على الثغور، اللهم انصرهم بنصرك، وأيِّدهم بتأييدك، برحمتك يا أرحم الراحمين، اللهم ردَّ عنا كيد الفجَّار، وشرَّ الأشرار، اللهم انصر مَن نصَر الدِّين، واخذل مَن خذَل الدِّين، اللهم انصر كتابك وسنّة نبيّك، وعبادَك المؤمنين، اللهم آمِنّا في أوطاننا، وأصلِح أئمتنا وولاةَ أمورنا، اللهم لا تفرِّق جمعنا هذا إلاّ بذنب مغفور، وسعيٍ مشكور، وتجارةٍ لن تبور، برحمتك يا عزيز يا غفور، سبحان ربِّك ربّ العزة عمّا يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.

_______________________________________

* خطبة عيد الأضحى المبارك للعام 1430هـ (جامع البازعي- تبوك).

تعليقات 0 | إهداء 0 | زيارات 2098



خدمات المحتوى


تقييم
1.07/10 (17 صوت)

Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.

Copyright © 1445 alatwi.net - All rights reserved

جميع الحقوق محفوظة لموقع الدكتور عويض العطوي - يُسمح بالنشر مع ذكر المصدر.

الرئيسية |الصور |المقالات |الأخبار |الفيديو |الصوتيات |راسلنا | للأعلى

لتصفح أفضل: استخدم موزيلا فايرفوكس

 لتصفح أفضل: استخدم موزيلا فايرفوكس