تابعنا على الفيس بوك تابعنا على تويتر تابعنا على اليوتيوب تابعنا على الساوند كلاود


الرئيسية السيرة الذاتية الخطب الصوتيات المرئيات المقالات و البحوث الدورات الجامعة الصور تدبر القران الإصدارات الشهادات و الدروع المشاركات و الأنشطة

 

 
جديد الفيديو
 

 
المتواجدون الآن

 
المقالات
خطب المناسبات
رمضان وحفظ اللسان
رمضان وحفظ اللسان
01-05-1433 09:18 PM



رمضان وحفظ اللسان*


الخطبة الأولى:

أما بعد:
فكم فينا من عادة نتمنى أن نتخلّص منها، وربما حاولنا في سبيل ذلك أكثر من مرة، وكم مرة نجحنا؟ وكم مرة استسلمنا، وقلنا تزول الجبال ولا تزول الطباع؟
معاشر المؤمنين، نحن في شهرِ رمضان، شهرِ الصيام، شهرِ الإرادة والعزيمة، ولعل مِن أظهر مظاهره، وأبيَنِ شؤونه أنه تغيير كامل لكل ما تعودناه من عادات، وما ألِفناه من نمط حياة.
يأتي رمضان ليقنعنا بأننا قادرون على التغيير، على التصحيح، وقد يقول قائل: وكيف ذلك؟
تأمل رعاك الله إلى عادة الأكل والشرب التي ألفناها، وربما رأينا الحياة صعبة دونها، إفطار ثم غداء ثم عشاء، ويأتي رمضان ويتغير الأمر وتصبر البطون، وتقوى العزائم، ويتوقف الإنسان عما يحب مما لذ من الطعام والشراب يومَه كلَّه؛ ولو أصابه الجوع والنَصَب.
وقد يكون منا مَن تعوّد على التهاون بالطاعات والقربات، فتراه في رمضان يتغير حاله، فيُكْثِر من الطاعات وينوّع في القربات، فهو يحرص على المساجد، والصلاة مع الجماعة، وآخر لم يفكر يومًا في الإنفاق والصدقة تجده في رمضان يبادر ويسأل عن المحتاجين، ويزور الجمعيات الخيرية علّه يظفر بسبيل يصل من خلاله إلى المحتاجين، ولا عجب فقد كان صلى الله عليه وسلم: "أجود الناس بالخير، وكان أجود ما يكون في رمضان...كان أجود بالخير من الريح المرسلة" [متفق عليه].

معاشر الكرام، أليس منا من تعوَّد على أمور محرمة كشرب الدخان، والغيبة والنميمة، فتراه في رمضان يسمو على ملذات نفسه، وتسويل الشيطان، وينصاع لحكم ربه الرحمن، فيُقلِع عن هذا البلاء يومَه كلَّه.
أليس منا -أيها الكرام- مَن هجر القرآن، وسوّف مرة بعد مرة في قراءته وختمِه، ويجيء رمضان وقد كسر ذلك الحاجر، وأقبل على كتاب ربه، ووجد الوقت المناسب ليختمه مرة، وربما أكثر، وربما زاد معه التدبرَ والعمل؟
معاشر الكرام، أليس كثير منا لا يعرف قيام الليل طيلة العام، ويراه أمرًا ثقيلاً، وما يزال يسوِّف ويؤخِّر حتى يجيء رمضان، فتراه ينشط ويصلي جميع الليالي مع المسلمين، ويحافظ على ذلك رجاء الأجر العظيم، كما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم: "مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ" [رواه البخاري ومسلم]، وقوله:"من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة" [رواه أحمد والترمذي وصححه].
معاشر الكرام، أليس كل هذا دليلاً على تغيّر كامل في عاداتنا، وما ألِفناه من نمط الحياة؟ أليس هذا دليلاً على قدرتنا على التغيير والتحكم في ذواتنا؟ فلِمَ إذًا لا نبدأ باستثمار هذا التغيير، وذلك مِن خلال برنامج محدد نتبعه في هذا الشهر المبارك، ولو مع عادة واحدة؟

معاشر المؤمنين، إننا في رمضان أمامَ فرصة ذهبية للتخلص من عاداتنا السيئة، ولعل مِن أهمها ما تعوده اللسان من سوء القول، وكثرة اللعن والسب، والفري في الأعراض، فدعونا نجعلْ رمضان بدايةَ تغيير حقيقيٍّ في كلامنا ونوعه، كيف لا وقد أشار نبي الهدى صلى الله عليه وسلم إلى هذا الملمح حينما قال: "وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ، وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ، فَلاَ يَرْفُثْ وَلاَ يَصْخَبْ، فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ، أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ" [رواه البخاري].
ويُعظِّم رسول الله صلى الله عليه وسلم شأن اللسان وخطورة أمره، ويربط ذلك بالصيام فيقول: "مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ وَالْجَهْلَ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ" [رواه البخاري].
معاشر الكرام، إلى متى ونحن نطلق لألسنتنا العنان، فنتركها تتكلم دون تحكم، وتمضي دون لجام؟ لم لا نجعل رمضان بداية الانطلاقة، فنقلل من سيِّء الكلام، أو نقلع عنه نهائيًّا، لم لا نتحمل خطأ الناس فلا نقابل الإساءة بالإساءة، بل بالإحسان، كما قال سبحانه عن عباد الرحمن: ﴿وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاَمًا﴾ [الفرقان: 63].
لم لا نكثر من الكلام الطيّب؛ لنجعل اللسان يتعود عليه انصياعًا لأمر الله ﴿وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا﴾ [البقرة: 83]، ﴿وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ [الإسراء: 53].

معاشر الكرام، دعونا من اليوم لا نتكلم إلا بالخير، ونقلع عن كل سوء، دعونا نرطب ألسنتنا بذكر الله، بقراءة القرآن، ونلجمها كلما أرادت قول السوء، ولا نستجيب لذلك في لحظات الغضب، بهذا نقنع أنفسنا بأننا قادرون على التحكم في ذواتنا وكلماتنا، وهل بلاؤنا إلا من ذلك؟
سأل معاذ رسول الله صلى الله عليه وسلم: أوَنحن مآخذون بما نقول يا رسول الله؟ قال عليه الصلاة والسلام: "ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يكبُّ الناس على مناخرهم أو على وجوههم في النار إلا حصائد ألسنتهم" [رواه أحمد وقال شعيب الأرنؤوط : صحيح بطرقه وشواهده].
أيها المؤمن بربه، ليس الصوم أن تتوقف البطون عن المطعوم والمشروب، وتنطلق الألسنة في الأعراض، أو تتفوه بسيء الكلام وفاحشه، يا مؤمن تأكد أنّ من سلم من لسانه فقد سلم، ومن سقط من لسانه فقد سقط.
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، برحمتك يا أرحم الراحمين.
عباد الله، أقول ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه وتوبوا إليه، إنه هو الغفور الرحيم.

_______________________________________

الخطبة الثانية:

أما بعد:
معاشر الكرام، نحن نحتاج أن نتعلم كيف نتكلم، ولا عيب في ذلك، وإنما العيب أن يبقى الإنسان مطلِقًا للسانِه العنان، لا يهتم لما يقول، ولا يشعر بتأثير كلامه في الآخرين، ولا يُحاسب نفسه على ما تتفوه بها شفته من خير أو شر.
إن هذا -أيها الفضلاء- أمر خطير، قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم: "وَإِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ لاَ يُلْقِي لَهَا بَالاً يَهْوِى بِهَا في جَهَنَّمَ" [رواه البخاري].
واليوم نحن في رمضان مضى منه ما مضى، وبقيَ منه ما بقي، فهلاَّ راجعنا أنفسنا، وقيّمنا كلامنا ونوعه، وكما امتنعنا عن الطعام والشراب وسائر المفطرات، نمتنع عن آفات اللسان ومزالقه (الغيبة والنميمة، والسبابِ واللعان، وسيّءِ الأقوال) ونسمو بأنفسنا نحو المعالي، ننتقي من الكلمات أطيبها، ومن الأساليب أحسنها، ونعوّد أنفسنا على ذلك في هذا الشهر الكريم، ونجعل رائدنا وقائدنا في ذلك القرآن العظيم، الذي ستجد فيه تحديدًا لطيفًا لما ينبغي علينا سلوكه في شأن أقوالنا، سنجد الأمر بالقول الحسن ﴿وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا﴾ [البقرة: 83]، ﴿وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ [الإسراء: 53]، ونجد القول الطيب ﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ﴾ [فاطر: 10]، والقولَ السديد ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا﴾ [الأحزاب: 70]، والقولَ اللين حتى مع العدو، قال تعالى لموسى وهارون لمّا أرسلهما لفرعون: ﴿فَقُولاَ لَهُ قَوْلاً لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى﴾ [طه: 44]، والقولَ الكريم مع الوالدين خصوصًا، ﴿وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا﴾ [الإسراء: 23]، وغير ذلك كثير، فدعونا نعملْ بتوجيهات القرآن في شهر القرآن، دعونا نطبّق هذه الصفات على أقوالنا، فنصومَ عن كل قول سيّء، ونَقْصرَ أقوالنا على ما كان طيبًا، كريمًا، حسنًا، سديدًا، ليّنًا، وانظروا ماذا تكون النتيجة.

دعونا نفهم بعض أسرار الذكر وكثرته في ديننا، في الصباح والمساء، في الدخول والخروج، عند النوم واليقظة، في أدبار الصلوات، ذكر مقيد وآخر مطلق، أجور عظيمة، وفضائل كبيرة، كل هذا ليتعود اللسان على طَيِّبِ الكلام، وحَسَنِ القول، إن من يحافظ على هذه الأذكار، ويتحاشى سيء الكلام، سَتَحْسُن أخلاقه، ويألفه الناس، ويحبه الخلق، فهلا استفدنا من ذلك في شهر الصوم المبارك.
معاشر الكرام ، دعونا نزيد من رصيدنا في الكلمة الطيبة، من خلال عدد الكلام الطيب الذي نجريه على ألسنتنا في هذا الشهر الكريم من خلال القرآن العظيم الذي نقرأه، والأذكار الثابتة التي نحافظ عليها، إننا إن فعلنا ذلك سيتغير فينا شيء كثير في أخطر أداة علينا, ألا وهي اللسان، وسيكون الاختبار لهذا العمل الجليل يوم العيد، الذي تظهر فيه الكلمات اللينة ، وحسنُ القول، وطيّبُ الكلام، فكن أنت ذلك الرجل، الذي استفاد من صومه، وعمِل بكتاب ربِّه، وفاز بجنته.
وفّقنا الله وإياكم لكل خير، ووقانا من كل شر، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

عباد الله، صلوا وسلموا على الرحمة المهداة، والنعمة المسداة، محمد بن عبد الله، كما أمركم بذلك الله حيث قال: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [الأحزاب : 56].

د. عويض بن حمود العطوي
جامعة تبوك
Dr.ahha@gmail.com

_______________________________________

(*) جامع البازعي بتبوك، الموافق 7/9/1430هـ.

تعليقات 0 | إهداء 0 | زيارات 638



خدمات المحتوى


تقييم
1.50/10 (14 صوت)

Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.

Copyright © 1445 alatwi.net - All rights reserved

جميع الحقوق محفوظة لموقع الدكتور عويض العطوي - يُسمح بالنشر مع ذكر المصدر.

الرئيسية |الصور |المقالات |الأخبار |الفيديو |الصوتيات |راسلنا | للأعلى

لتصفح أفضل: استخدم موزيلا فايرفوكس

 لتصفح أفضل: استخدم موزيلا فايرفوكس