تابعنا على الفيس بوك تابعنا على تويتر تابعنا على اليوتيوب تابعنا على الساوند كلاود


الرئيسية السيرة الذاتية الخطب الصوتيات المرئيات المقالات و البحوث الدورات الجامعة الصور تدبر القران الإصدارات الشهادات و الدروع المشاركات و الأنشطة

 

 
جديد الفيديو
 

 
المتواجدون الآن

 
المقالات
خطب المناسبات
إلى متى التباطؤ عن الحج
إلى متى التباطؤ عن الحج
01-05-1433 06:35 PM





حتى تتفوق في الامتحان*


الخطبة الأولى:

أما بعد:
فقد مضت الأيام سريعًا، وأصبحنا الآن في نهاية العام الدراسي وكنا مِن قبلُ في أوله، كنا نستعد لاستقباله، ونحن الآن نستعد لتوديعه.
معاشر المؤمنين، معاشر الآباء، غدًا يتوجه ملايين الطلاب إلى قاعات الاختبارات لقياس تحصيلهم، ولقطف ثمار جهدهم.
الكل في تعبئة كاملة، في البيوت والمؤسسات التعليمية، الكل ينشد التفوق والنجاح، الطلاب والآباء والمعلمون والمجتمع، كلٌّ له هدفه، كلٌّ له مراده، فنسأل الله العظيم أن يبلّغَ الجميع آمالهَم، وأن يحقق لهم أمانيَهم، وألا يخيب سعيهم، ولا يضيّعَ تعبهم، ونسأله أن يقر عيونهم بالفلاح والنجاح، وأن يأخذ بأيديْهم إلى الخير والصلاح.
عباد الله، فترة الامتحانات لها طابعها المميز، ففيها يظهر الجد والتنظيم، وفيها يُقَدَّر للوقت قدرُه، يُضاعف فيها الطالب جهده، ويتنبّه فيها الولي لما كان قد ضيعه، إنها فترة تذكرنا بما تركناه أو تناسيناه، من واجبات كانت علينا، كان الأولى ألا تُحيَّز في زمن، أوتحجر في زاوية، لكن هذا هو الواقع، وهو واقع لابد من التفكير الجاد في تغييره، لماذا لا تكون مسؤوليتنا دائمةً وشاملةً، لماذا لا تكون جهود أبنائنا متصلةً متوالية، لماذا نفرط في واجباتنا، ثم نريد أن نجمع ذلك كلَّه في لحظة؟ أسئلة لابد من عرضها على النفس لنعيد النظر في طريقة التعامل مع هذه المسؤوليات وتلك الجهود.
معاشر الأبناء، معاشر الآباء، نحن الآن على أبواب هذه الفترة، فإليكم بعضًا من النصائح نوجهها لأبنائنا الطلاب، ونحب أن يدركها الآباء.
أيها الطالب النجيب، عليك بأربع فهي مفاتيح النجاح والتفوق.

أولها: حُسن الصلة بالله.
أيها الطالب النجيب، لا تنسَ أنك قبل كل شيء عبدٌ لله، مطلوب منك الانصياع لأمره، والخضوع لجبروته، وقد تكون الامتحانات فرصةً حسنة لتجديد الصلة بالله، وتحسين العلاقة بالخالِق، ولا تقل: لا أريد أن أكون ممن لا يعرف ربه إلا في الشدائد، نقول لك: هذا خيرٌ ممن لا يعرفه لا في الشدائد ولا في غيرها، حسّن علاقتك بربك، وذلك بالدعاء الصادق، والالتجاء الحقيقي إليه، والتوكل والاعتماد عليه سبحانه، فإن الخاسر من انقطعت صلته بربِّه، وعليك بالمحافظة على ما أمرك به-سبحانه- من العبادة والطاعة، فبهذا يحصل التوفيق للمؤمن، ولعلها تكون البداية لخير كثير، وفضل عظيم، وفقك الله وسدد خطاك.

ثانيًا: الاجتهاد وبذل الوسع.
تيقن أيها الطالب الفاضل أنك تملك قدرات كبيرة، فاستثمر ذلك فيما ينفعك، ومِن مظاهر ذلك، الاستفادة الكاملة من الوقت، واستفراغ الجهد في التحصيل والفهم، ولابد أن تفرق- أيها الطالب النجيب- بين الاجتهاد والإجهاد، فالأول هو المطلب، والثاني هو العطب.

ثالثًا: التنظيم وحسن التصرف.
فالوقت يحتاج إلى تنظيم وطريقة المذاكرة تحتاج إلى ترتيب؛ فالعشوائية تُجهد ولا تثمر، وأنت -أيها الطالب النجيب- محتاج لذلك في المذاكرة، كما أنك محتاج إليه في قاعة الامتحان، ولحظة الإجابة، فإذا كنت ممن يعرف كيف يذاكر، وكيف يجيب، وكيف يتصرف مع المواقف؟ فأنت على الطريق، وإن كنت غير ذلك، فلابد أن تتعلم كيف يكون ذلك.

رابعًا: إعطاء الجسد حقه من الراحة والترفيه.
يخطئ كثير من الطلاب عندما يستغرقون الزمن كله في مذاكرة متواصلة، وإجهاد متصل، دون وعي بمطالب الجسد والنفس من الاستجمام والراحة، فالجسم المكدود لا يمكن أن يثمر تفكيرًا متزنًا ولا استيعابًا كاملاً، وأدرك تمامًا حق جسد ونفسك عليك كما قال صلى الله عليه وسلم: "وإن لنفسك عليك حقًا، فأعط كل ذي حق حقه" رواه البخاري.
أيها الطالب النجيب، أيها الأب الحبيب، إذا عرفت هذه المفاتيح؛ فاحرص عليها، وراجع برنامجك على ضوئها، وتذكر إن كانت هذه هي مفاتيح النجاح، فإن هناك معاولَ للإخفاق والضياع، وهي أربع كن على حذر منها؛ لأنها آفات ينتشر بلاؤها في سماء الامتحانات، ويكثر زبائنها إبان الاختبارات.

أولا: الغش.
وهو خلق لا يليق بطالب علم فضلاً عن مسلم، إذ كيف يفكر في الغش مسلم مصلٍ يخاف ربه، ثم إن في الغش اعترافًا بضعف الملكات، وإقرارًا بالدون، وهذا مالا يرضاه مثلك –أيها الطالب النجيب- وأهم من ذلك أن فيه معصيةً للخالق العظيم سبحانه، قال صلى الله عليه وسلم: "مَنْ غشَّ فليس منَّا"، لذا عليك أن تقاوم كل الإغراءات والتسهيلات التي يقدمها الأصحاب، أو تدعوك لها النفس الأمارة بالسوء أو الشيطان، أنت صاحب قدرة، سَخِّرْ ما حباك الله من تلك النعمة في المذاكرة والتحصيل، وستحصل -بإذن الله- على ما تريد.
يا أيها الطالب النجيب، لو كنت معلمًا أترضى أن يتم هذا التصرف الشائن أمامك؟ أتقر هذا لو حصل؟ أنا على يقين أنك ستنكر هذا وترفضه، فلم ترضى به اليوم؟ انتبه، لا تكتب في سجل حياتك نقيصة مثل هذه، تكون عاراً في مستقبل عمرك .

ثانيًا: أصدقاء السوء.
الذين يجدون لهم في زمن الامتحانات سوقًا رائجة؛ يصطادون زبائنهم، ويرمون شباكهم، وينصبون فخاخهم، أهدافهم متنوعة، لكن يجمعها أنها دونية ساقطة، فاحذرهم؛ فإنهم أخطر من السم، إنهم يسرقون أخلاقك، ودينك، ويغرونك بالانحراف والجريمة، تحت ستار المساعدة، وعباءة الترفيه، قال صلى الله عليه وسلم منبهًا على خطورة الصاحب: "المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم مَنْ يخالل".
أيها الطالب النجيب، أيها الأب الحبيب، هذه التجمعات التي تشهدها الشوارع، أو الاستراحات ما الذي يدور فيها، مذاكرة قليلة، وفساد كبير، فكن على وعي أيها الطالب وأنت أيها الولي، فليس كل أنس يؤدي إلى أنس، بل قد تكون النهاية رجسًا وبؤسًا، جرائم كبيرة، وفساد عريض، تنتج عن هذه التجمعات باسم المذاكرة والمساعدة، وأنت لبيب تكفيه الإشارة.

ثالثًا: الحبوب المنبهة.
مسوِّقو السموم، وتجار الحبوب، وصناع الهلوسة يجدون مناخهم المناسب في هذه الأيام، فهذه حبوب تساعد على التركيز، وأخرى تمنع النوم، وثالثة تقوي الذاكرة، ورابعة تزيل القلق والهم وهلم جرًا، سُمٌ في عسل، وتدمير في تدبير، قد يجري هذا على يد صاحب لك، أو قريب أو غريب، فاحذر كل ذلك، فهو باب المخدرات المظلم، الذي ربما لا تخرج منه، أحد المدمنين يعترف بأن أول حبة كانت في أوقات الامتحانات، أقنعوه بأنها ساعات فقط، قالوا له :هو يوم واحد وتعود إلى حياتك العادية، فكانت العودة بعد عشرين عامًا من الذل والهوان، والبؤس والشقاء، وبعضهم لا يعود أبدًا.

رابعًا: السهر.
وهو الظاهرة البارزة بين الطلاب، وأحيانًا في الأسرة كلها، وهذا أمر غريب أن يُشجع عليه الوالدان، إننا نعجب ممن يريد النجاح ثم يعترف بأنه لم ينم أبدًا، يواصل ليله بنهاره، ما الفائدة من جسم مكدود لا يستوعب ولا يسترجع ولا يفكر؟
أيها الطالب النجيب، أيها الأب الحبيب، لا خير في السهر ولا في الإكثار من المنبهات، فذلك ضرر محض، يولِّد القلق، ويصيب بالمرض والإنهاك، فعليك بتنظيم وقتك والنوم مبكرًا، وإعطاء الجسد حقه من الراحة.
أيها الطالب النجيب، أيها الأب الحبيب، ربما تواجه ظاهرة تكثر في هذه الأيام؛ ألا وهي القلق والتوتر، وهذا القلق إذا كان بدرجة عادية معقولة، فلا خوف منه، بل هو ممدوح يدعو إلى الإتقان والجودة، وهو ما يظهر عند المتفوقين من الطلاب، إما إذا زاد بحيث يؤثر على النوم والتفكير والاستيعاب، فهذا خطر لابد من العناية بعلاجه.
اعلم -أيها الطالب النجيب- أن القلق يؤثر على العمليات المتعلقة بالذاكرة، فيؤثِّر في الاستقبال والتخزين والاسترجاع، كما يؤثر في التفكير، فيحصلُ لدى الطالب ما يسمى بتسارع التفكير، أو بتوقف التفكير، كما يظهر لدى بعض الطلاب ما يعبرون عنه بفراغ العقل، فيحس بفقد كل المعلومات، كل هذا بسبب القلق الزائد عن حدِّه، وسبب هذا القلق هو الإهمال المسبق، وعدم العناية بالتنظيم، والإكثار من المنبهات، وبالتالي توالي السهر، ولعلاج ذلك عليك بالآتي:
أولاً: الاستعداد المبكر لاستيعاب المراد.
ثانيًا: تعامَل مع الحالة التي أنت فيها بتحدٍ وقوة، لا بضعفٍ وتخاذل.
ثالثًا: أجرِ لنفسك اختبارات شاملة، وأجب عليها.
رابعًا: حافظ على نمط مريح في النوم والراحة.
خامسًا: فكّر بطريقة إيجابية لا سلبية، لا تقل: الأسئلة هذا العام صعبة، أنا خائف هذا العام، بل قل في نفسك دائمًا: توجد فرص للتعويض، أنا متفائل هذه السنة، قدراتي في تطور ونمو.
سادسًا: تأكد من وقت الامتحان ومكانه.
سابعًا: اجلس بهدوء في قاعة الامتحان، ثم سمِّ الله، واستعن به، ثم اقرأ تعليمات الأسئلة، ثم ابدأ.

أسألُ الله أن يُيَسِّر أمرك، وجميع الطلاب، وأن يأخذ بأيدينا جميعًا إلى الخير والفلاح، والتفوق والنجاح.
عباد الله، أقول ما سمعتم، وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

_______________________________________

الخطبة الثانية:

أما بعد:
فإذا كانت هذه وصايانا لأبنائنا الطلاب، فأنت أيها الأب عليك واجب كبير، ومسؤولية عظيمة.
لا تجعل البيت جحيمًا لا يطاق أيام الامتحانات، فلا يُسمع فيه إلا اللعن والسب، والصراخ والضرب، بل اجعله روضة من التفاؤل والأنس، والتعاون والمحبة؛ بالكلمة الطيب، والمتابعة المستمرة، فليس هذا هو وقت التأنيب، ولا التأديب، كما عليك أن تنتبه مع عنايتك بدراسة أولادك وحرصك على نجاحهم وتفوقهم؛ أنْ تحرص على نجاحهم وتفوقهم في سلم الإيمان، أين توجيهاتك الحسنة؟ ونصائحك الطيبة؟ أين تربيتك لهم؟ لا تنس أنهم أمانة ترعاها في الدنيا، وتُسأل عنها في الأخرى ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلاَئِكَةٌ غِلاَظٌ شِدَادٌ لاَ يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾ [التحريم: 6].
أيها الأب الحبيب، لا تنس الأخطار التي أشرنا إليها من قبل (الغش، الحبوب، المنبهات، السهر، أصحاب السوء) كُن معينًا لولدك على تجاوزها، كُن عينًا يقظة بحكمة وحنكة، فهي أيام تحتاج منك إلى مزيدِ جهدٍ وصبر، لكنها مسؤولية "كلكم راعٍ، وكلكم مسئول عن رعيته".
أيها الأب الحبيب، لا تنس الدعاء الصادق لأبنائك، فدعاؤك مستجاب، اسأل الله لهم الهداية والتوفيق، والنجاح والفلاح، فذلك مالا عذر لك في تركه، والله يحفظك ويرعاك.

نسأل الله بمنّه وكرمه أن يقرَّ عيون الآباء بصلاح أبنائهم، وأن يُسعد قلوبهم بنجاحهم وفلاحهم.
عباد الله، صلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه؛ فقال: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً﴾ [الأحزاب:56].


د. عويض بن حمود العطوي
جامعة تبوك
dr.ahha1@gmail.com

_______________________________________

* تبوك، جامع أنس بن مالك (حي الورود)، 9/4/1425هـ. أعيدت مع زيادات في جامع البازعي 26/6/1430هـ.

تعليقات 0 | إهداء 0 | زيارات 880



خدمات المحتوى


تقييم
0.00/10 (0 صوت)

Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.

Copyright © 1445 alatwi.net - All rights reserved

جميع الحقوق محفوظة لموقع الدكتور عويض العطوي - يُسمح بالنشر مع ذكر المصدر.

الرئيسية |الصور |المقالات |الأخبار |الفيديو |الصوتيات |راسلنا | للأعلى

لتصفح أفضل: استخدم موزيلا فايرفوكس

 لتصفح أفضل: استخدم موزيلا فايرفوكس