تابعنا على الفيس بوك تابعنا على تويتر تابعنا على اليوتيوب تابعنا على الساوند كلاود


الرئيسية السيرة الذاتية الخطب الصوتيات المرئيات المقالات و البحوث الدورات الجامعة الصور تدبر القران الإصدارات الشهادات و الدروع المشاركات و الأنشطة

 

 
جديد الفيديو
 

 
المتواجدون الآن

 
مقدمة البلاغة معاني
01-25-1433 06:55 PM

image



الحمد لله الذي خلق الإنسان وعلمه وشرفه بالبيان، والصلاة والسلام على رسول الله، محمد بن عبد الله القائل: إن من البيان لسحراً، أوتي جوامع الكلم، وأمسك بزمام الفصاحة، وملك ناصية البيان، أما بعد.

فإن فن البلاغة يعد من العلوم التي نشأت في أحضان الدراسات القرآنية؛ لذلك نجد كثيراً ممن كتبوا في بداياته هم ممن اعتنى بإظهار إعجاز القرآن الكريم.
ولقد مر هذا الفن بمراحل من التهذيب والتثقيف تنقل خلالها بين اتجاهات عدة فتلوّن بها واصطبغ بصبغتها، وما كاد أن يستقر ويقف على سوقه حتى تعثر في مهاوي المنطق ومنزلقات الفلسفة فتنحى الذوق واعتنى المنظرون بالتقعيد والتقسيم، اعتناءً ضعفت معه البلاغة وقلَّ رونقها، وتناقل القوم ذلك جيلاً بعد جيل فمن شارح ومن مختصر ومن مطول ومن محشٍّ، وضاعت روح البلاغة بين أولئك القوم، ونحن وإن كنا نحسن الظن بهم في كل ما فعلوه إلا أننا يجب أن نعلم أنه ليس كل من أحسن الظن أصاب في عمله، ولئن كان ما فعلوه يناسب تلك المرحلة فإن ذلك ينبغي أن يتغير بما يتناسب مع عصرنا وما فيه من العلوم والنظريات الحديثة، وما يتواءم مع روح البلاغة في أصلها.
ومع ما ذكرناه إلا أنّ البلاغة بقيت في بعض المجالات غير المتخصصة فيها غضة غنية، ونقصد بذلك كتب التفسير والإعجاز، ولا ننسى أن نشير إلى ما بذله الإمام عبد القاهر الجرجاني في سبيل إحياء البلاغة خاصة في كتابيه (أسرار البلاغة ودلائل الإعجاز)، الذي جعل للذوق مجالاً كبيراً، وأفسح له ميداناً واسعاً، مما حدا بالدارسين أن يرفعوا من شأنه ويعدونه مؤسس البلاغة العربية ومرسي أركانها.
وإن الدراسات الأسلوبية الحديثة لمدينة كثيراً لجهود مثل أولئك العلماء، والشيء الغريب أن نقف نحن أهل البلاغة واللغة مكتوفي الأيدي عن التطوير، بينما يأتي غيرنا ينهل مما عندنا ويبني عليه صروحاً جديدة.
ولهذا سنسعى من خلال هذا العرض لموضوعات البلاغة لتحقيق ما يأتي:
1. تحبيب هذا الفن الرفيع لدارسي البلاغة العربية، بعدما أسهمت التقسيمات العقلية، والجدل المنطقي، وطريقة التدريس في تكريس الكره لهذا الفن الجميل.
2. محاولة تعريف الدارس بكيفية الكشف عن مواطن الجمال في النصوص الرفيعة.
3. الوقوف على أهم مباحث فنون البلاغة، لتمهيد الطريق أمام الدارس الراغب في الزيادة والتخصص.
4. الإسهام في الارتقاء بالأسلوب، من خلال تعلم الدارس أهم معالم جماليات الكلام.
5. التعرف على كمٍّ مناسب من الأساليب الرفيعة المؤثرة، لتربية التذوق الجمالي عند الدارس، ليستثمر ذلك، في إبداع كلام يشد الأذهان، ويؤثر في النفوس.
ولأن هذه هي أهدافنا فإننا سنحاول تجاوز الحدود المنطقية، والأمثلة النمطية، والتقسيمات العقلية، والمصطلحات العلمية، إلا بقدر الضرورة لنصل إلى الأسرار، وذلك من خلال الإكثار من تحليل الشواهد والوقوف عند الدقائق.

تاريخ موجز لمسيرة البلاغة:
مر هذا الفن الجميل بمراحل عدة، حتى وصل إلى ما ستقر عليه في تقسيماته الثلاث: (المعاني، البيان، البديع)، وتلته بعد ذلك مراحل أخرى اتسمت بسمات عصرها، ومضت المسيرة حتى يومنا هذا، و ما يزال هذا الفن الجميل قابلاً للتطوير والتحديث.
وسأذكر بإيجاز أهم مراحل التأليف في البلاغة منذ نشأتها وحتى العصر الحديث، وتتضح تلك المراحل من خلال ما يأتي:
أولاً: كتب تعرضت للبلاغة بإيجاز، ولم تكن البلاغة مقصدها الأول، وهي على قسمين:
1. كتب تخصصت في إعجاز القرآن، مثل: مجاز القرآن لأبي عبيدة.
2. كتب تخصصت في الأدب، مثل: البيان والتبيين للجاحظ، و(البديع) للأمير ابن المعتز، (وقواعد الشعر) لثعلب، و(نقد الشعر) لقدامة بن جعفر.

ثانياً: كتب توسعت في البلاغة، واهتمت بها اهتماماً واضحاً، وقُصدت فيها البلاغة قصداً، وهي على ثلاثة أقسام:
1. قسم نحا الناحية الإعجازية، فاهتم بالبلاغة من خلال البحث في بلاغة القرآن وإعجازه، مثل: إعجاز القرآن للباقلاني، وثلاث رسائل في الإعجاز للرماني.
2. قسم اعتنى بتقعيد جماليات القول، مع عناية فائقة بالذوق، ومن أعظم ما وضع في ذلك كتابا: (أسرار البلاغة) و(دلائل الإعجاز) لعبد القاهر الجرجاني، ولم يكتب في البلاغة مثلهما حتى يومنا هذا.
3. قسم غلب عليه الترتيب والتنظيم والمنطق، وأشهرها كتاب (مفتاح العلوم) للسكاكي، وقد أفرد البلاغة بمبحث خاص، حصر فيه أقوال السابقين باختصار وقنّنها تقنيناً منطقيّاً، معتنياً بالتعريفات والحدود والشواهد، وهو أول من جعلها في هذه العلوم الثلاثة: المعاني، البيان، البديع.
والكتاب رغم مميزاته، إلا أنه جار على الذوق، حيث قل فيه التحليل والبيان، وكثر فيه التعقيد والتنظيم، وقد كان مناسباً لمرحلته التي أُلِّف فيها، ثم جاء من بعده الخطيب القزويني فاختصر (المفتاح) في كتاب سماه التلخيص (تلخيص المفتاح)، ثم شرحه في كتاب سماه (الإيضاح في علوم البلاغة)، وهو أشهر ما يُدرّس في البلاغة اليوم في الجامعات وغيرها.

ثالثاً: كتب اعتنت بالشرح والتفصيل والرد، وأكثرها دار حول (التلخيص)، ويكفي أن نذكر منها هنا: كتاب (شروح التلخيص) لمجموعة من العلماء، وقد اعتنت هذه الشروح بالجانب المنطقي فمات الذوق أو كاد، وقلّت الشواهد حتى جمدت البلاغة، وتحولت إلى علم مجرد لا مدخل فيه للذوق، وبقيت على هذا سنوات عديدة.

رابعاً: كتب اعتنت ببعث البلاغة وتجديدها، وحصل هذا في العصر الحديث، حيث أراد أصحابها أن يعودوا بالبلاغة إلى ما كانت عليه في عصر عبد القاهر الجرجاني، فحاولوا التخلص من سيطرة المنطق والتقسيم، واعتنوا بالشواهد وحاولوا التجديد، ومن تلك الكتب: البلاغة الواضحة لعلي الجارم، والبلاغة في ثوبها الجديد لبكري الشيخ أمين، والبلاغة التطبيقية لأحمد موسى، والبلاغة فنونها وأفنانها لفضل حسن عباس، وهذا الأخير-في نظري- من أفضلها وأوسعها.
واعلم –أيها الطالب النجيب- أنه لن يحصل هذا الذي دعوا إليه من بعث البلاغة، وتربية الذوق الرفيع بجماليات القول، إلا بالوقوف على نماذج كثيرة من الكلام البليغ سواء من القرآن الكريم، أم من السنة أم من رفيع القول (شعراً أو نثراً)، وتحليل ذلك، والتأمل فيه.

وعلى المستوى الفردي يحتاج من يروم الإبداع في هذا الفن ومعرفة أسراره، أو القدرة على نظم بديع الكلام وبليغة، يحتاج من طلب هذا كله إلى أمرين:
أحدهما: خلْقي موهوب، وهذا لا بد له من ملكات أربع: ذهن حاد ثاقب، وعاطفة جياشة قوية، وخيال خصب ثري، وأذن حساسة لجمال جرس الكلمات وإيقاعها.
ثانيهما: خُلُقي مكتسب، وهذا لابد له من مهارات أربع: معرفة جيدة بعلوم اللغة، قراءة واسعة في بليغ الكلام شعره ونثره، إدراك لأحوال النفوس وطبائعها، مران على تحليل النصوص الجميلة.
ومن هذا المنطلق فنحن ندعو للاطلاع على كتب التفسير، ففيها مجال واسع للتطبيق مع خلوه من سلطة الحدود والتقسيمات، مثل: تفسير الكشاف للزمخشري، والبحر المحيط لأبي حيان، وبدائع التفسير لابن القيم، وتفسير أبي السعود، ونظم الدرر في تناسب الآيات والسور للبقاعي، وروح المعاني للألوسي، والتحرير والتنوير للطاهر بن عاشور.
وإنما قلت هذا لأنه من خلال معايشة هذه المادة وتدريسها والبحث فيها، اتضح لي أن أفضل ما يوقف الإنسان على جماليات القول، التأمل في أسرار القرآن من خلال القراءة في كتب التفسير، ومحاولة جمع النظائر، وتسجيل النكات البلاغية، وبذلك يتحصل للمتعلم كمّ جيد من الأساليب الرفيعة التي سبر أغوارها، ووقف على بعض روائعها أولئك المفسرون والمعتنون بإعجاز القرآن.
كما ندعو للاطلاع الدائم على ما كتبه عبد القاهر الجرجاني -رحمه الله- في كتابيه العظيمين: دلائل الإعجاز، وأسرار البلاغة.

تعليقات 0 | إهداء 0 | زيارات 1486



خدمات المحتوى


تقييم
0.00/10 (0 صوت)

Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.

Copyright © 1445 alatwi.net - All rights reserved

جميع الحقوق محفوظة لموقع الدكتور عويض العطوي - يُسمح بالنشر مع ذكر المصدر.

الرئيسية |الصور |المقالات |الأخبار |الفيديو |الصوتيات |راسلنا | للأعلى

لتصفح أفضل: استخدم موزيلا فايرفوكس

 لتصفح أفضل: استخدم موزيلا فايرفوكس